مقالات

وقفات مع الزلزال المدمر بسوريا ونركيا

بسم الله الرحمن الرحيم

الزلزال المدمِّر

مهران ماهر عثمان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد، أما بعد؛

ابتُلي إخواننا في سوريا وتركيا بزلزال مدمر يوم الاثنين 6 فبراير 2023م، وآخر إحصاء اطلعت عليه كان عدد الذين قضوا في تركيا 12873، وفي سوريا 3162، وعدد الجرحى والمصابين في تركيا أكثر من 63000 وفي سوريا أكثر من 5000، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.

وهذه وقفات مع هذا المصاب:

(1)

إن مما يتعين على كل موسر يجد سبيلاً لدعم إخوانه المتضررين أن يمد لهم يد العون.

قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: 71]. ومعنى ذلك أنهم يتناصرون ويتعاضدون.

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى» متفق عليه.

وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً» وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ.

وقد بوَّب البخاريُّ في الأدب المفرد: “باب ما يجب من عون الملهوف”، وأورد هذا الحديث: عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «على كل مسلم صدقة». قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: «يَعْتَمِلُ بيديه فينفع نفسه ويتصدق». قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف»، والحديث في الصحيحين كذلك.

وفي سنن أبى داود، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بُدَّ لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا؛ نَتَحَدَّثُ فِيهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ». قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، والأمرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَتُغِيثُوا الْمَلْهُوفَ وَتَهْدُوا الضَّالَّ».

(2)

أورد ابن كثير في البداية والنهاية عن الشيخ يُوسُف بْنِ الْبَقَّالِ قوله: كُنْتُ بِمِصْرَ، فَبَلَغَنِي مَا وَقَعَ مِنَ الْقَتْلِ الذَّرِيعِ بِبَغْدَادَ فِي فِتْنَةِ التَّتَارِ، فَأَنْكَرْتُ فِي قَلْبِي وَقُلْتُ: يَا رَبِّ كَيْفَ هَذَا وَفِيهِمُ الْأَطْفَالُ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ؟ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ رَجُلًا وَفِي يَدِهِ كِتَابٌ فَأَخَذْتُهُ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِيهَا الْإِنْكَارُ عَلَيَّ:

دَعِ الِاعْتِرَاضَ فَمَا الْأَمْرُ لَـكْ

وَلَا الْحُكْمُ فِي حَرَكَاتِ الْفَلَكْ

وَلَا تَسْأَلِ اللَّهَ عَنْ فِعْلِــــــــــــــــــــــهِ

فَمَنْ خَاضَ لُجَّةَ بَحْرٍ هَـــــــــلَكْ

إِلَيْهِ تَصِيرُ أُمُورُ الْعِبَــــــــــــــــــــــــــــــادِ

دَعِ الِاعْتِرَاضَ فما أجهلك([1]).

فنحن نؤمن بالقرآن كلِّه، والقرآن مملوء بالآيات التي سمَّى الله تعالى فيها نفسه باسم الحكيم.

والحكيم له معانٍ ثلاثةٌ:

1/ الذي إذا خلق شيئاً أحسنه وأتقنه وأحكمَ خلقَه، قال تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: 7].

2/ الذي يجب علينا أن نتحاكم إلى شرعه، قال سبحانه: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50].

3/ الذي لا يقضي قضاءً إلا وله فيه الحكمةُ البالغة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها.

قال ابن تيمية رحمه الله: “وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ عَلِمْنَا أَنَّ لَهُ فِيهِ حِكْمَةً؛ وَهَذَا يَكْفِينَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِنْ لَمْ نَعْرِفْ التَّفْصِيلَ، وَعَدَمُ عِلْمِنَا بِتَفْصِيلِ حِكْمَتِهِ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ عِلْمِنَا بِكَيْفِيَّةِ ذَاتِهِ؛ وَكَمَا أَنَّ ثُبُوتَ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ مَعْلُومٌ لَنَا وَأَمَّا كُنْهُ ذَاتِهِ فَغَيْرُ مَعْلُومَةٍ لَنَا فَلَا نُكَذِّبُ بِمَا عَلِمْنَاهُ مَا لَمْ نَعْلَمْهُ. وَكَذَلِكَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ حَكِيمٌ فِيمَا يَفْعَلُهُ وَيَأْمُرُ بِهِ، وَعَدَمُ عِلْمِنَا بِالْحِكْمَةِ فِي بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ لَا يَقْدَحُ فِيمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ أَصْلِ حِكْمَتِهِ؛ فَلَا نُكَذِّبُ بِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ حِكْمَتِهِ مَا لَمْ نَعْلَمْهُ مِنْ تَفْصِيلِهَا. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ حِذْقَ أَهْلِ الْحِسَابِ وَالطِّبِّ وَالنَّحْوِ وَلَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِهِمْ الَّتِي اسْتَحَقُّوا بِهَا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ وَالطِّبِّ وَالنَّحْوِ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقْدَحَ فِيمَا قَالُوهُ؛ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِتَوْجِيهِهِ. وَالْعِبَادُ أَبْعَدُ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ عَوَامِّهِمْ بِالْحِسَابِ وَالطِّبِّ وَالنَّحْوِ فَاعْتِرَاضُهُمْ عَلَى حِكْمَتِهِ أَعْظَمُ جَهْلًا وَتَكَلُّفًا لِلْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ مِنْ الْعَامِّيِّ الْمَحْضِ إذَا قَدَحَ فِي الْحِسَابِ وَالطِّبِّ وَالنَّحْوِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ”([2]).

وقال ابن القيم رحمه الله: “مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَنَّ أَفعَال الله تَعَالَى لَا نقاس بِأَفْعَال عباده، وَلَا تدخل تَحت شرائع عُقُولهمْ القاصرة، بل أَفعاله لَا تشبه أَفعَال خلقه، وَلَا صِفَاته صفاتهم، وَلَا ذَاته ذواتهم، ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير﴾”([3]).

(3)

أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الزلازل تكثر في آخر الزمان.

ففي صحيح البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ – وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ – حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ».

(4)

هذه الزلازل تذكر بما يكون في آخر الزمان، وفي يوم القيام لربِّ العالمين.

قال ربنا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد﴾ [الحج: 1، 2].

والمعنى: “إن ما يصاحب القيامة من زلزلة الأرض وغيرها من الأهوال أمر عظيم، يجب الاستعداد له بالعمل بما يرضي الله. يوم تشاهدونها تغفل كل مرضعة عن رضيعها، وتسقط كل صاحبة حمل حملها من شدة الخوف وترى الناس من غياب عقولهم مثل السكارى من شدة هول الموقف، وليسوا سكارى من شرب الخمر، ولكن عذاب الله شديد، فقد أفقدهم عقولهم”.

قال البغوي رحمه الله: “قَالَ الْحَسَنُ: تَذْهَلُ الْمُرْضِعَةُ عَنْ وَلَدِهَا بِغَيْرِ فِطَامٍ وَتَضَعُ الْحَامِلُ مَا فِي بَطْنِهَا بِغَيْرِ تَمَامٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ تَكُونُ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ بَعْدَ الْبَعْثِ لَا يَكُونُ حَمْلٌ. وَمَنْ قَالَ: تَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ هَذَا عَلَى وَجْهِ تَعْظِيمِ الْأَمْرِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ، كَقَوْلِهِمْ: أَصَابَنَا أَمْرٌ يَشِيبُ فِيهِ الْوَلِيدُ، يُرِيدُ شِدَّتَهُ”([4]).

وذكرت التقوى في الآية؛ لأن الزلزلة وقتٌ لحصول الثواب عليها([5]).

وقال تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [سورة الزلزلة].

وقال: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا﴾ [الواقعة: 1 – 4]. أي: إذا حُرِّكت الأرض تحريكًا شديدًا.

(5)

مما يعزِّي به المسلمُ نفسه أنَّ ما عند الله لمن ماتوا وللمصابين الصابرين خيرٌ وأبقى.

أما من قضى من إخواننا فقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» متفق عليه.

وأما عزاء المصابين من إخواننا الذين نسأل الله أن يمنّ عليهم بعاجل الشفاء وأن يعوضهم خيراً مما فقدوا، فما رواه جَابِرٌ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ البَلاَءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ» رواه الترمذي.

(6)

يشرع قنوت النوازل والدعاء لإخواننا؛ ليفرج الله عنهم.

قال النووي رحمه الله: “الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إِنْ نَزَلَتْ نَازِلَةٌ كَعَدُوٍّ وَقَحْطٍ وَوَبَاءٍ وَعَطَشٍ وَضَرَرٍ ظَاهِرٍ فِي الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَنَتُوا فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ“([6]).

وقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ» أخرجه البخاري.

(7)

شاهد الناس فريق إنقاذٍ عثر على شيخٍ مسنٍّ، وأخبرهم عن رغبته في ماء يتوضأ به ليصلي! وقد حبس في مساحة صغيرة لا تمكنه من الجلوس! هذا أكبر همه! هذا ما يفكِّر فيه وهو في تلك الحال!! هذا وهو محاصر بالركام من كل جانب!! فماذا يقول لله الذي يفرِّط في الصلاة وهو في خير حال وأتمِّ عافية!؟

خير الأعمال ويفرط فيها بعض الناس، ويزعم أنه مسلم!

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة». قال: ثم مه؟ قال: «ثم الصلاة». قال: ثم مه؟ قال: «ثم الصلاة». قال: ثم مه؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» رواه أحمد.

وفي صحيح مسلم، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ».

(8)

رأى الناس مسنةً تركيةً أراد المنقذون إخراجها فطلبت غطاءً لرأسها قبل خروجها!! أيُّ حرص على الحجاب هذا!؟ ختم الله لك بخير يا والدة، ويسر أمرك.

وهذا يذكِّر بما رواه البيهقي عن فاطمة الزهراء رضي الله عنها، أنها قالت: يَا أَسْمَاءُ إِنِّي قَدِ اسْتَقْبَحْتُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ، إِنَّهُ يُطْرَحُ عَلَى الْمَرْأَةِ الثَّوْبُ فَيَصِفُهَا! (وهي جنازة على نعشها لا تريد أن يصف الكفنُ جسدها)!

فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُرِيكِ شَيْئًا رَأَيْتُهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟ فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ فَحَنَّتْهَا، ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا.

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! يُعْرَفُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الْمَرْأَةِ، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَلَا تُدْخِلِي عَلَيَّ أَحَدًا. وأمرت أن يُصنع بها ذلك.

اللهم ألحق الموتى من إخواننا الذين قضوا بسبب هذا الزلزال بالشهداء، ومُنَّ بالعافية على الجرحى والمصابين، وعوضهم عما فقدوا خيراً عظيماً، واجمع لهم بين حسنتي الدنيا والآخرة.

رب صل وسلم على نبينا محمد.

 

 

[1] / البداية والنهاية (13/ 294).

[2] / مجموع الفتاوى (6/ 128).

[3] / مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (2/ 55).

[4] / معالم التنزيل (5/ 364).

[5] / انظر التحرير والتنوير (17/ 186).

[6] / شرح النووي على مسلم (5/ 176).

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *