رمضانيات

بشارات رمضانية

بسم الله الرحمن الرحيم

بشارات رمضانية

مهران ماهر عثمان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ فهذه جملة بشارات تتعلق برمضان، أسأل الله أن يجعلنا فيه من الفائزين.

بشرى للصائمين

الصوم عبادة يتحقَّق بها فوز العبد في الآخرة؛ فإن للفوز ركنين:

النجاة من المرهوب، وتحقق المرغوب، قال تعالى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران: 185]. وهذا الأمران من ثمرات الصيام.

أما الزحزحة عن النار فقد دلت عليها أحاديث، منها:

حديث جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ النَّارِ» رواه أحمد.

وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» رواه البخاري ومسلم.

وهو من أسباب دخول الجنة:

قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ » رواه البخاري ومسلم.

ولما جاء أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ له: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ»  فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ، قَالَ:«عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ» رواه أحمد.

بشرى للقائمين في رمضان

الذين يواظبون على صلاة التراويح.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه الشيخان.

إيماناً: مؤمناً بأنها مشروعة.

احتساباً: مبتغياً بذلك وجه الله.

وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيتَ إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليتُ الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته، فممن أنا؟ قال: «من الصديقين والشهداء» رواه ابن حبان،وابن خزيمة، والبزار.

وأما من صلاها مع إمامه حتى ينصرف فكأنه قام الليلة كلها من غروب الشمس إلى ما قبل الفجر، يكتب له قيام هذه الليلة كلها.

فعن أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا، حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ».

كثير من المصلين في العشر الأخيرة يترطون الإمام قبل صلاة الوتر! وهؤلاء فرطوا في خير كثير، ينبغي أن يصلوا الصلاة كاملةً مع إمامهم أو أئمتهم، ولهم أن يصوا ما شاؤوا بالليل بدون أن يوتروا، فالصلاة بعد الوتر مشروعة عند الأئمة الأربعة، لكنه لا يوتر مرة أخرى.

بشرى للداعين

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ، الإِمَامُ العَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ» [صحيح الترمذي].

وعند أحمد (8030) : «وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ»، والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.

فدعوة الصائم المستجابة تكون حال صيامه، إلى أن يشرع في الفطر.

بشرى للمذنبين!

بشرى لكل مذنب أدرك رمضان وهو عازم على تغيير سلوكه والإقلاع عن غدراته وفجراته، فما أكثرَ ما يغفر الله تعالى للناس في رمضان!

ففي الحديث المتفق عليه، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

ولهما عنه أيضاً مرفوعاً: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

ولكثر ما يغفر الله تعالى لعباده في رمضان توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك رمضان ولم يغفر له، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احضروا المنبر»، فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال:«آمين»، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال:«آمين»، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال:«آمين»، فلما نزل قلنا: يا رسول الله، لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه؟ قال: «إن جبريل عليه السلام عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، قلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال بعد من أدرك أبويه الكبرُ عنده أو أحدَهما فلم يدخلاه الجنة، قلت: آمين».

فلا ينبغي أبداً أن نقصر في هذا الشهر، ومن صدق الله صدقه الله تعالى.

بشرى لأمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا

اللائي يقضين كثيراً من أوقاتهن في إعداد إفطار الصائمين.

أبشرهن بحديثين من أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم.

الأول:

في مسند أحمد: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَأْذَنَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». فَقَالَ سَعْدٌ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَلَمْ يُسْمِعْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى سَلَّمَ ثَلَاثًا وَرَدَّ عَلَيْهِ سَعْدٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يُسْمِعْهُ، فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا سَلَّمْتَ تَسْلِيمَةً إِلَّا هِيَ بِأُذُنِي، وَلَقَدْ رَدَدْتُ عَلَيْكَ وَلَمْ أُسْمِعْكَ؛ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ سَلَامِكَ وَمِنْ الْبَرَكَةِ. ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْبَيْتَ، فَقَرَّبَ لَهُ زَبِيبًا، فَأَكَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ». ولولا أن في تفطير الصائمين أجراً كبيراً لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحقق الله تعالى ذلك لسعد رضي الله عنه.

والثاني:

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» رواه الترمذي.

فما معنى: من فطر صائماً؟

“مَنْ أَطْعَمَ صَائِمًا” [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 4/ 1386].

وقال ابن عثيمين رحمه الله: “ظاهر الحديث أن الإنسان لو فطر صائما ولو بتمرة واحدة فإنه له مثل أجره” [شرح رياض الصالحين 5/ 315].

ولا فرق بين الذي جاء بالطعام والتي صنعته.

ففي الحديث المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ».

ففي الحديث: “أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الطَّاعَةِ مُشَارِكٌ فِي الْأَجْرِ” [شرح النووي على مسلم  7/ 111].

فهنيئا لكل والدة أو بنت أو زوجة أو أخت تصنع الطعام لأهل بيتها، تفوز بأجر صومها وأجرِ صومهم جميعاً كما قضى بذلك نبينا صلوات الله وسلامه عليه.

بشرى لكل مريض أو مسن عاجز عن الصيام

في صحيح البخاري، عن أبي مُوسَى رضي الله عنه أنه قال مراراً: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا».

فمن ترك الصوم بمرضه أو كبر سنه وقد كان مداوماً عليه فله في كل رمضان يشهده أجر الصيام كاملاً.

﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 54].

﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21].

رب صل وسلم على نبينا محمد.

 

 

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *