رمضانيات

زكاة الفطر

بسم الله الرحمن الرحيم
زكاة الفطر
مهران ماهر عثمان
.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، أما بعد:
فهذه أحكام مهمة تتعلق بزكاة الفطر.
.
1/ تعريفها: هي الصدقة الواجبة على أعيان المسلمين بانتهاء شهر رمضان.

2/ سبب تسميتها: أُضيفت إلى الفطـر لأنه سببها، ويـدل على ذلك بعض الروايات كما في صحيح البخاري: “زكاة الفطر من رمضان” [سبل السلام].

3/ حكمها: زكاة الفطر واجبة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنه: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس” رواه البخاري ومسلم.
قال خليل في مختصره (ص:70) “يجب بالسنة صاع”.

4/ متى فرضت؟ في شعبان من السنة الثانية للهجرة.

5/ حِكمتها: فُرضت طُعمةً للمساكين وتطهيراً للصائمين؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللَّغو والرفث وطُعمةً للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” أخرجه أبو داود.

6/ فضلها: تطهر الصائمَ من اللغو والرَّفث كما في الحديث السابق.

7/ على من تجب؟ عن ابن عمر رضي الله عنه قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ” البخاري ومسلم.

8/ هل تجب على الصائمين فقط؟ أم أنها تجب عليهم وعلى المفطر بعذر شرعي كالشيخ الكبير؟
الجواب: تجب على الجميع، أما حديث ابن عباس (طهرة للصائم) فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “ذكر التطهير للصائم خرج مخرج الغالب” [ الفتح: 3/369]، ولأن كل الناس محتاجون إلى التطهير فهم مشتركون في العلة؛ فيشتركون في الحكم.

9/ أصنافها: صاع من طعام. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ” كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب” رواه البخاري ومسلم. والأقط: لبن مجفف لم تُنزع زبدتُه. وقد ورد تفسير الطعام في رواية البخاري، حيث قال أبو سعيد: ” كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر”.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ( والنبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير لأن هذا كان قوت أهل المدينة ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه)[ج25/69].
ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: “صدقة رمضان صاع من طعام من جاء ببر قُبِل منه، ومن جاء بشعير قُبِل منه، ومن جاء بتمر قُبِل منه، ومن جاء بسَلْت قُبِل منه، ومن جاء بزبيب قُبِل منه، ومن جاء بسَوِيقٍ قُبِل منه” رواه ابن خزيمة بسند صحيح.
والسَّلْتُ: شعير لا قشر له. وقد ترجم ابن خزيمة لهذا الأثر بـ: “باب إخراج جميع الأطعمة في صدقة الفطر”. فكل هذه الأحاديث تدل على أنها تخرج من قوت أهل البلد.

10/ مقدارُها: صاع من طعام والصاع: أربعة أمداد. ويجزئ الربع المعروف عندنا عن ثلاثة أشخاص تقريباً، وبعضهم يراه ناقصاً عن ذلك بشيء قليل، والاحتياط مطلوب.

11/ مصرفها: تخرج للمساكين لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: “طعمةً للمساكين” خلافاً لمن قال: بصرفها للأصناف الثمانية المذكورين في آية التوبة! فهؤلاء يُعطوَن من زكاة الأموال لا من زكاة الفطر، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية [ الفتاوى 2/ 81]. قال ابن القيم رحمه الله: “وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة” [زاد المعاد 2/ 21].

12/ وقتُ وجوبها: قيل: بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وقيل: وقت وجوبها فجرُ يوم العيد وثمرة الخلاف في الطفل الذي يولد ليلة العيد قبل الفجر.
ويجوز تعجيلها عن وقت الوجوب، فقد “كان ابن عمررضي الله عنه يخرجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين” رواه ابن خزيمة، وهذا مذهب الإمام مالك وأحمد في رواية، ومذهب الشافعي جواز إخراجها من أول رمضان، رحمهم الله.

13/ عند الجمهور: لا يجوز إخراج قيمتها، وجوَّز ذلك الأحناف، وكثير من العلماء المعاصرين يفتون بذلك؛ مراعاةً لمصلحة المساكين، قال ابن تيمية رحمه الله: “وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ، وَأَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ مَنَعَ الْقِيمَةَ فِي مَوَاضِعَ وَجَوَّزَهَا فِي مَوَاضِعَ، فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَقَرَّ النَّصَّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ فِي هَذَا: أَنَّ إخْرَاجَ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مَمْنُوعٌ مِنْهُ” [مجموع الفتاوى 25/ 82].

14/ إذا زكى الوالد عن ولده المستطيع أجزأ عنه.

15/ الزكاة عن الجنين ليست واجبة، ولكنها سنة سيدنا عثمان رضي الله عنه، فمن فعلها فحسن.

16/ لم يثبت دعاء أو ذكر خاص عند إخراج صدقة الفطر.

17/ من أدرك ليلة العيد ثم مات فإنها تخرج عنه.

18/ لا حرج في نقل هذه الزكاة من مكان إلى مكان، ومن بلد إلى بلد.

19/ إذا كانت الزوجة غنية فلا يجب عليها أن تخرجها عن نفسها بل ذلك يلزم زوجها.

20/ يجوز أن يزيد الإنسان في مقدارها؛ تقرباً لله، فلا حرج على من وجب عليه صاع أن يخرج صاعين أو أكثر.

21/ لا يعطى أهل الكتاب شيئا من الزكوات الواجبة وإنما من الصدقة النافلة.

22/ لا تجب هذه الزكاة على من بدأ صوم الشهر ولم يدرك وقتها؛ ليلة العيد.

23/ يجوز أن تعطى زكوات أشخاص لشخص واحد.

24/ يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن المطلقة الرجعية في عدتها؛ لأنها ما زالت زوجته، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: 228]، فأثبتت الآية قيام الزوجية بينهما.

25/ المعقود عليها التي لم تُسَلَّم لزوجها لا يجب على العاقد عليها أن يخرج عنها الزكاة.

26/ التساهل في زكاة الفطر إثم، ولكن لا أثر له في قبول الصوم.

27/ الزوجة النصرانية لا يزكَّى عنها.

28/ تخرج صدقة الفطر من مال اليتيم، وإن كان فقيرا فعلى من تلزمه نفقته، ولا يلزم ذلك كافله.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *