
الوتر في نقاط
بسم الله الرحمن الرحيم
الوتر في نقاط
مهران ماهر عثمان
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على مَن بعثه الله بالدِّين القويم رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فهذه نقاط تتعلق بصلاة الوتر، راعيتُ فيها الاختصار، والله –وحده- أسأل أن ينفع بها، فأقول مستعيناً بالله:
- الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب؛ لحديث الأعرابي، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه في سفر أو حضر، وقد قال الإمام أحمد في رجل كان يتركه: “رجل سوء لا تقبل شهادته”.
- ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى فعله فقال: «إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أهْلَ القُرْآنِ» رواه أَبُو داود والترمذي. ومعنى يحب الوتر: أن يُجعل الشيء وترا، ولذا خلق السماوات سبعاً، وجعل الطواف سبعاً، وهكذا. ومعنى أن الله وتر: واحد لا شريك له.
- وقت الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وكلما أخَّره الإنسان فهو أولى، إلا إذا خشي من فواته، أو صلى القيام مع الإمام في رمضان، فالأفضل التعجيل به كما سيأتي. قال جابر رضي الله عنه، قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيلِ؛ فَإنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ([1])، وذَلِكَ أفْضَلُ» رواه مسلم.
- إذا أُذِّن للفجر وأنت توتر فأكمل الصلاة.
- قنوت الوتر سنة علمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما، فلو لازمه فلا بأس في ذلك، وإذا تركه أحيانا فلا بأس. ثبت في المعجم الكبير للطبراني عن الْحَسَن بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعَاءَ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنَ عَافَيْتَ، وتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ». والقول بأنه مشروع في السنة كلِّها قول الأحناف والحنابلة وهو وجه عند الشافعية وبه قال ابن حزم رحمهم الله.
- لا بأس من جعل القنوت قبل الركوع أو بعده.
- رفع اليدين في دعاء الوتر سنة؛ لحديث أنس بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه في قِصَّة القُرَّاء وقتْلهم، قال: “لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلَّما صلَّى الغداةَ رفَعَ يَديهِ يَدْعو عليهم، يَعني: على الذين قَتلوهم” رواه الطبراني في الأوسط. ومثله في هذا: قنوات الوتر [السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي 2/ 211].
- لا بأس من الزيادة على هذا الدعاء، فعن عبد الرحمن بن عبد القاري: “كانوا –أئمة القيام في عهد عمر رضي الله عنه- يلعنون الكفرة في النصف الثاني من رمضان: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق” رواه ابن خزيمة.
- لا ينبغي أن يشقَّ الإمام على المصلين بإطالة دعاء الوتر في رمضان، قال البغويُّ رحمه الله: “يُكره إطالةُ القنوت” [المجموع للنووي 3/ 499].
- لا ينبغي الزهد في أدعية القرآن والسنة واستبدالهما بأدعية مسجوعة، طويلٍ لفظها، قليلٍ معناها!
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» رواه البخاري ومسلم، والمراد مجموع الصلاة بالليل يكون وتراً، ولو كان المراد أن يختم بواحدة لقال: “لا تصلوا بعد الوتر”([2]). كما قال: «لا تصلوا بعد الفجر» رواه أبو داود. وعند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالساً، وعند ابن خزيمة عن عائشة رضي الله عنها أنه كان يقرأ فيهما بالزلزلة والكافرون.
- عن طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وتران في ليلة» رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
- من صلى الوتر وأراد أن يصلي آخر الليل صلى مثنى مثنى ولم يوتر مرة أخرى، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد الوتر جالساً كما في صحيح مسلم. قال النووي رحمه الله: “وهذا الحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم صلى الركعتين بعد الوتر بياناً لجواز الصلاة بعد الوتر” [المجموع للنووي 3/512].
- إذا جمع بين العشاءين فمتى يصلي الوتر؟ يوتر بعدهما [الشرح الممتع للعثيمين 4/502].
- في صلاة التراويح لا ينبغي أن ينصرف المأموم قبل الإمام. ففي سنن أبى داود، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتْ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتْ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ». وانصراف الإمام بانقضاء الصلاة، فلو صلى الإمام وأناب غيره وانصرف المأموم مع الإمام الأول فالحديث لا يصدق عليه إلا إذا أتمَّ الصلاة كلها.
- من أراد أن يتهجد بالليل أكمل التراويح مع الإمام ثم صلى التهجد ولم يوتر مرة أخرى.
- الأفضل إذا أراد إمام التراويح أن يتهجد بالناس أن يوكل غيره ليوتر بمن صلى القيام معه.
- قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ توتروا بثلاث تُشَبِّهوه بالمغرب» رواه الحاكم، والبيهقي، والدارقطني. أي لا يجوز لمن أحب أن يوتر بثلاث أم يجعلها كالمغرب.
- أقل الوتر ركعة؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» رواه مسلم.
- للوتر بثلاث ركعات صفتان: الأولى: أن يسرد الثلاث بتشهُّدٍ واحدٍ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسلّم في ركعتي الوتر”، وفي لفظ: “كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن” رواه النسائي. والثانية: أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة؛ لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة، وأخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك. رواه ابن حبان، وقال ابن حجر في الفتح (2/482) :”إسناده قوي”.
- روى النسائي، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ”.
- أما إذا أوتر بخمس أو بسبع فإنها تكون متصلة، ولا يتشهد إلا تشهداً واحداً في آخرها ويسلم؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها([3]). رواه مسلم. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام. رواه أحمد.
- وإذا أوتر بتسع فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم. لما روته عائشة رضي الله عنها كما في مسلم أن النبي صلى الله كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا”.
- وإن أوتر بإحدى عشرة ، فإنه يسلم من كل ركعتين ، ويوتر منها بواحدة.
- صلاة الوتر لا تُقضى، وهذا مذهب المالكية، ورواية عن أحمد، وهو قول الشافعي في القديم، وقال به ابن تيمية([4])، وأما قول أمنا عائشة رضي الله عنها: “كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا نام أو شَغَله مرضٌ أو غيرُه عن قيامِ اللَّيلِ، صلَّى بالنهارِ ثِنتي عشرةَ ركعةً” رواه مسلم، فهذا في قضاء التهجد دون الوتر.
- من السنة بعد الفراغ من الوتر أن يقول: سبحان الملك القدوس، ثلاث مرات، يجهر بالثالثة ويمد بها صوته. ثبت عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ فِي الْوِتْرِ قَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ويرفع صوته في الثالثة» رواه أبو داود والنسائي، وله: “ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ”.
اللهم صل وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] / تشهدها الملائكة.
[2] / شريط جلسات رمضانية لابن عثيمين رحمه الله، الدرس (17).
[3] / وبهذا نعرف الفرق بين الوتر وصلاة القيام، فالوتر من قيام الليل، وهي صلاة تختم صلاة الليل بها، وله كيفيات تخالف صلاة القيام.
[4] / https://dorar.net/feqhia/1253/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9:-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AA%D8%B1
