فتاوى

ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان

.
بسم الله الرحمن الرحيم
ما يلزم الحامل والمرضع في رمضان؟
مهران ماهر عثمان
.
.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
.
.
فمن المسائل التي اختلف فيها أهل العلم عليهم رحمة الله: ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان، وقد اتفق العلماء على أن الحمل والإرضاع رخصة تبيح الفطر في رمضان.
.
.
فما هي أقوال أهل العلم في الحامل والمرضع إذا أفطرتا في نهار رمضان وأخذتا بهذه الرخصة؟
1/ يقضيان ويطعمان، وهذا قول الشافعية والحنابلة.
2/ يقضيان، وهذا قول الأحناف.
3/ الحامل تقضي، والمرضع تقضي وتطعم، وهذا قول المالكية.
4/ يطعمان، وهذا قول ابن عباس وابن عمر وأنس رضي الله عنهم، ونُسب إلى مالك والشافعي رحمهما الله في قولٍ لهما، [انظر: سؤالات الصائمين، للبروفيسور/ عبد الله الزبير، ص: 109].
والراجح القول الرابع، فالحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان فليس عليهما سوى الفدية؛ إطعام مسكين عن كل يوم.
.
..
.
وهذا ذكرٌ للأدلة وأقوال أهل العلم؟
1/ عن سعيد بن جبير رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾: كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا، ويطعما مكان كل يوم سكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا. قال أبو داود : يعني على أولادهما أفطرتا وأطعمتا. رواه أبو داود.
.
2/ كثير من النساء تكون في معظم أعوامها إما حاملاً أو مرضعاً، ولا يخفي ما في إلزامهن بالقضاء من المشقة والحرج، والحرج مرفوع في ديننا، قال ربنا: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة/6]، وقال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج/78].
.
3/ قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ» أخرجه أهل السنن إلا أبا داود.
وشيء وضعه الله لا يجوز لأحد أن يُلزم الناس به.
.
فإن قيل:
أليس المسافر الذي ذكر معهما مأموراً بالقضاء؟
فالجواب:
أُلزم المسافر بالقضاء بدليل القرآن، وأما الحامل والمرضع فعليهما الفداء كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في تأويل الآية السابقة، ولا يوجد دليل في كتاب أو سنة يدل على أن عليهما القضاء.
.
4/ قال ابن عمر رضي الله عنه: “الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي” رواه الدارقطني.
وقال عن الحامل: “تطعم مكان كل يوم مسكيناً” رواه البيهقي.
وبذا أفتى ابن عباس عند البيهقي وغيره.
.
5/ قال السيد سابق رحمه الله في فقه السنة:
“والحبلى، والمرضع – إذا خافتا على أنفسهما، أو أولادهما أفطرتا – وعليهما الفدية، ولاقضاء عليهما، عند ابن عمر، وابن عباس. روى أبو داود عن عكرمة، أن ابن عباس قال، في قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه)، كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام، أن يفطرا، ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى، والمرضع – إذا خافتا (يعني على أولادهما) – أفطرتا، وأطعمتا. رواه البزار ، وزاد في آخره: وكان ابن عباس يقول لام ولد له حبلى: أنت بمنزلة الذي لا يطيقه، فعليك الفداء، ولاقضاء عليك. وصحح الدارقطني إسناده. وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر، وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة. رواه مالك، والبيهقي.
.
6/ وممن أفتى بذلك الأستاذ الدكتور/ عبد الله الزبير، الأمين العام المجمع الفقه الإسلامي سابقاً، [سؤالات الصائمين، ص109].
.
7/ فُتيا العلامة الألباني رحمه الله.
في فتاوى جدة، شريط رقم: (25)
يقول السائل: قرأت في كتاب: “صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان” لمؤلفه: سليم الهلالي؛ أن الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما أفطرتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً، ولا يجب عليها القضاء، فما صحة هذا القول؟ نرجو التوضيح.
الجواب:
لا يجب عليها القضاء وإنما يجب عليها الكفارة عن كل يوم مسكيناً، هذا الجواب الصحيح، أما الاشتراط المذكور؛ وهو إذا خافت الحامل والمرضع على نفسيهما أو ولديهما! هذا الشرط إنما هو اجتهاد من بعض العلماء لا تكلف به الحامل أو المرضع؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال: «إن الله تبارك وتعالى قد وضع الصيام عن الحامل والمرضع». ثم قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضَاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرٍ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين﴾ قال ابن عباس رضي الله عنه:
“إن الحامل والمرضع عليها الإطعام” أي لا يوجد هناك الشرط المذكور آنفاً؛ أن تخاف الحامل أو المرضع على نفسها أو على ولدها، خلاصة الجواب: يجوز لكل حامل ولكل مرضع أن تفطر وأن تطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليها إلا هذه الكفارة” ا.هـ.
.
.
وعجيبٌ قياس الحامل على المريض؛ فالحمل ليس مرضاً، وإنما المرض عدمه.
.
رب صل وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *