مقالات

مسائل الربا

بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل الربا

مهران ماهر عثمان

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛

1/ قسما الربا وتعريف كل قسم منهما

  • ربا الفضل

لغة: الفضل: الزيادة.

واصطلاحًا: هو بيع المال الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين.

مثال: أن يبيعه مد قمح بمدين منه، أو مائة غرام ذهب بمائة وعشرة منه.

ثبت في صحيح مسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا».

  • ربا النسيئة

لغة: النسيئة والنَّسَاء يعني التأخير والتأجيل.

واصطلاحًا: هو بيع الربوي مع تأخير بدله.

صورته: بيع الربوى بجنسه أو بغير جنسه متماثلاً أو متفاضلاً مع تأخير القبض.

مثال: بيع صاع من الحنطة بصاع ونصف يدفع له بعد شهرين، أو بيع صاع من القمح بصاعين من الشعير يدفعان له بعد ثلاثة أشهر.

فمدار ربا النسيئة على التأجيل وتأخير القبض.

 

2/ الإيداع في البنوك الربوية

الإيداع في البنك الربوي محرم؛ سواء كان بفائدة أم بغير فائدة.

أما كونه حراماً مع الفائدة فلأن هذا عينُ الربا.

وأما حرمة الإيداع فيها بدون فائدة فلكونه تعاوناً على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].

ولم يستثن العلماء من هذا الحكم سوى حالة واحدة؛ وهي: إذا خاف على ماله من السرقة ولم يكن في بلده بنك إسلامي لا يتعامل بالربا، فيودع ماله بدون فائدة؛ للضرورة، فإذا خرجت فائدة له لم يستفد منها، بل يجعلها في مصالح المسلمين؛ تخلصاً منها.

ومتى ما أمكن حفظ المال بدون هذه الوسيلة حرُم الإيداع فيه عليه.

 

3/ الأصناف الربوية

عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ: فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» رواه مسلم.

 

4/ علة جريان الربا في الأصناف الربوية المذكورة في حديث عبادة

علة جريانه في الذهب والفضة: الثمنية. أي:  كونهما مِن المعادن الثمينة المستعمَلَة في قياس قِيَمِ الأموال.

وعلة جريانه في بقية الأصناف: الطُعم، مع الوزن أو الكيل (كونها مطعومة مكيلة أو مطعومة موزونة)

والدليل: حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا، فَقَالَ: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ، فَقَالَ: «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا»، وَقَالَ فِي المِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ. رواه البخاري.

والجنيب: نوع جيد من أنواع التمر.

 

5/ من صور الربا:

ربا الجاهلية (ربا القرض).

وهو الزِّيادة في الدَّين مقابل تأجيل المدة، سواء اشتُرطت الزيادة عند حلول الأجل أو في بداية الأجل. أما الزيادة بدون شرط إذا لم يكن متعارفاً عليها فهي من حسن الأداء، فعن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدخل الله عز وجل الجنة رجلاً كان سهلاً؛ مشترياً، وبائعاً، وقاضياً، ومقتضياً» أخرجه البخاري في التاريخ الكبير.

وقاضياً: مؤديا للذي عليه. ومقتضياً طالباً للذي له.

بيع العينة.

لحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رواه أبو داود.

وبيع العينة: أن تبيع سلعة بآجل، ثم تشتريها ممن بعتها عليه بناجز أقل.

مبادلة الذهب القديم بالجديد مع بذل شيء من المال.

والصحيح أن يباع الذهب القديم، ويقبض الثمن بلا تأخير، ثم يشترى بالمال ذهب جديد.

بيع الشيك بالنقد.

مثاله: أن يكون لزيد “شيك” قيمته مليار، ولا يصرف إلا بعد أسبوع، فيعطيه عمرو 900.000 ج ويأخذ الشيك عوضاً عن ذلك.

وهذه يجري فيها نوعا الربا.

التحويل عبر تطبيق البنوك بالجوال للرغبة في الحصول على كاش بدون تقابض

المطلوب في حال اتحاد الجنس التماثل – كجنيه بجنيه – والتقابض معاً.

والمطلوب في حال اختلاف الجنس – كدولار بجنيه – التقابض دون التماثل؛ لحديث عبادة السابق: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ: فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» رواه مسلم.

وفرق بين عمليتي القرض والصرف.

وانظر المرفق مع هذا المقال.

 

6/ الذي لا يجوز بيعه نسيئة هو الربوي بالربوي الموافق له في علة الربا

مثل البر بالتمر لا بد من التقابض وكذلك الشعير بالملح وكذلك الذهب بالفضة أما أحد الأصناف الأربعة بالذهب أو الفضة فيجوز فيه الأجل بلا خلاف.

 

7/ هل يباح الربا للضرورة؟ وما حدُّها؟

في الموسوعة الفقهية: “أنه يجوز للمضطر أن يتعامل بالربا للضرورة، فيأثم المقرض دون المقترض” [الموسوعة الفقهية ج6/ ص167].

وفي فتوى “مجمع البحوث الإسلامية” بالقاهرة، في مؤتمره الثاني المنعقد في مايو 1965م “والفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق بين ما يسمَّى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي (الاستغلالي)، وكثير الربا في ذلك وقليله حرام، والإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه ضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير الضرورة”.

وفي فقهنا قاعدتان معلومتان:

  • الضرورات تبيح المحظورات.
  • والضرورة تقدر بقدرها.

قال ربنا: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: 119].

فما هو ضابط الضرورة؟

قال د. وهبة الزحيلي: “الضرورة : هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره؛ عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع ” [نظرية الضرورة الشرعية، ص67-68].

 

8/ لا يجوز في بيع الأجل الاتفاق على زيادة ترتبط بزيادة المدة، فكما تأخر السداد زيد في ثمن السلعة، فهذا من الربا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط: “أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل. فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل، بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً.

ثانياً: لا يجوز شرعاً، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة، أم ربطاها بالفائدة السائدة.

ثالثاً: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين، بشرط سابق أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم ” [مجلة المجمع (ع 6 ج 1 ص 193].

 

9/ اختلف أهل العلم في جريان الربا بين البر وخبزه

والصحيح أنه:

يجوز بيع الخبز بدقيق من جنسه مع التفاضل بينهما، بشرط التقابض قبل التفرق.

فإن دقيق البرّ تحوّل بعد خَبزِه إلى جنسٍ مستقلٍ ليس تابعاً لأصله، فيجوز بيع بعضها ببعض مع التفاضل، لكن يدا بيد.

وهذا قول الإمام مالك رحمه الله [المدونة (3/ 151)]، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله. قال ابن القيم: “وأما الأصناف الأربعة ففرعها إن خرج عن كونه قوتا لم يكن من الربويات، وإن كانت قوتا كان جنسا قائما بنفسه” [إعلام الموقعين (2/ 163)].

والقول الثاني: يحرم بيع الخبز بدقيق من جنسه، وهو قول أبي حنيفة ومذهب الحنابلة والشافعية.

 

 10/ لا تجوز المعاونة في الربا بأي وجه من الوجوه.

ومن ذلك تأجير المحل لوضع مكينة صراف آلي لبنك ربوي؛ لما في ذلك من الإعانة والترغيب في التعامل مع البنك الربوي، وقد قال تعالى:  ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]. وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رواه مسلم.

قال النووي رحمه الله: “هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين ، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل” [شرح مسلم (11/ 26)].

 

 11/ التحايل على الربا يضاعف الإثم، وتحليل الربا كفر بالله.

قال تعالى: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [الأعراف: 163 – 166].

وعن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك»، فطرحته فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ [التوبة: 31] حتى فرغ منها، فقلت: إنا لسنا نعبدهم، فقال: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟» قلت: بلى، قال: «فتلك عبادتهم» رواه الترمذي، وهذا لفظ الطبراني في الكبير.

وقال ابن قدامة رحمه الله: “من اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنى وأشباه ذلك مما لا خلاف فيه كَفَر” [المغني 12/ 276].

 

12/ من تاب وأراد صرف مال الربا للمساكين؟

قال النووي رحمه الله: “قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام، وأراد التوبة والبراءة منه: فإن كان له مالك معين، وجب صرفه إليه، أو إلى وكيله، فإن كان ميتا، وجب دفعه إلى وارثه. وإن كان لمالكٍ لا يعرفه، ويئس من معرفته: فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه. وإلا فيتصدق به على فقير، أو فقراء، وإذا دفعه إلى الفقير، لا يكون حراما على الفقير؛ بل يكون حلالا طيبا” [المجموع” (9/ 428)].

 

13/ متى تجوز الزيادة في سداد القرض؟

إذا كانت غير مشترطة ولم يجر بها عرف.

ففي سنن ابن ماجه، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟ قَالَ: إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ؟» ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ([1]) فَقَالَ لَهَا: «إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرُنَا فَنَقْضِيَكِ» ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأَقْرَضَتْهُ، فَقَضَى الْأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَ، أَوْفَى اللَّهُ لَكَ، فَقَالَ: «أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ، إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ».

فهذه زيادة غير مشترطة ولذا لم تكن من الربا.

ويُشترط فيها ألا يجري العرف بها؛ لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.

في الموسوعة الفقهية الكويتية (33/ 125) “ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَوْ قَضَى دَائِنَهُ بِبَدَلٍ خَيْرٍ مِنْهُ فِي الْقَدْرِ أَوِ الصِّفَةِ، أَوْ دُونَهُ، بِرِضَاهُمَا جَازَ مَا دَامَ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَوْ مُوَاطَأَةٍ، وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ اسْتَسْلَفَ بَكْرًا، فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ، وَقَال: إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً”.

قال ابن جزي الكلبي المالكي رحمه الله: “فَإِن كَانَ بِشَرْط أَو وعد أَو عَادَة منع مُطلقًا وَإِن كَانَ بِغَيْر شَرط وَلَا وعد وَلَا عَادَة جَازَ اتِّفَاقًا فِي الْأَفْضَل صفة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استسلف بكرا وَقضى جملا بكرا خيارا” [القوانين الفقهية، ص: 191].

 

14/ هل يقوم الشيك والإيصال مقام القبض؟

نعم.

صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة قرار جاء فيه: “بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:

أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف .

ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه “.

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى، مثلاً أقبض راتبي بالريال السعودي، وأحوله للجنيه السوداني، علماً بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية، هل هذا رباً؟

فأجابوا :

“يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى  ولو تفاوت العوضان في القدر؛ لاختلاف الجنس، كما في المثال المذكور في السؤال، لكن بشرط التقابض في المجلس، وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس” [فتاوى اللجنة الدائمة 13/ 448].

 

15/ ضع وتعجَّل ليست من الربا.

وهذا قول عند الحنابلة والشافعية.

وصورتها:

أن يكون لزيد دينٌ عند عمرٍو لم يحل أجله، فيقول زيد: أضع عند جزءاً من الدين إذا عجلت لي بالباقي، أو يكون ذلك بطلب من عمرو، فهذه ليست من الربا ولا شيء فيها.

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “إنما الربا أَخِّرْ لي وأنا أزيدك، وليس عَجِّلْ لي وأنا أضع عنك”.

ومن قرارات مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي: “الحطيطة من الدين المؤجل، لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين، (ضع وتعجل) جائزة شرعاً، لا تدخل في الربا المحرم”.

ربِّ صل وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.

 

 

مرفق:

فتوى مجمع الفقه السوداني في التحويل للتطبيقات البنكية وفي الحوالات.

[1] / زوجة عمه حمزة رضي الله عنهما.

 

فتوى التحويل إلى التطبيقات البنكية

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *