تعظيم السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
تعظيم السنة
مهران ماهر عثمان
6 جمادى الأولى 1427 هـ
مسجد خالد بن الوليد بأركويت63
الحمد لله حمداً كثيرا طيبا مباركا فيه، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد؛
فما أحوجنا إلى تعظيم سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم! وإن مما يحمل على ذلك الوقوف على تعظيم السلف لها، ومن هنا كان هذا المقال، الذي أسأل الله أن ينفعنا به.
فهذه بعض النماذج التي تبين تعظيم الصحابة لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى مناديه: ألا لا يبقين بالمدينة أحد من جيش أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجُرُف، فتحدث الناس معه في حاجة المدينة إلى هذا الجيش ليؤخره: والله لو دخلت الكلاب إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بخلاخل أمهات المؤمنين لم أكن لأحلَّ عقدةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في المعجم الكبير.
وقال عمر رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود: “أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ” رواه البخاري ومسلم.
وثبت عنه أنه قال: “فِيمَ الرَّمَلَانُ الْيَوْمَ وَالْكَشْفُ عَنْ الْمَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ الله الْإِسْلَامَ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ؟ مَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” رواه أبو داود.
وفي صحيح مسلم، قال سيدنا عمر رضي الله عنه: “وَإِنِّي لَئِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ اسْتَخْلَفَ. فقال عبد الله ابنه: فوالله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَعْدِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ.
وقد كان رضي الله عنه يهُمّ بالأمر ويعزم عليه فإذا قيل له: لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.
وهذا علي لمَّا قال النبي صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَر: “لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ” دَعَاه فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَقَالَ: “امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ”. فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا، ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ؛ لمقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَصَرَخَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: “قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ” رواه مسلم.
وقال علي بن ربيعة: شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ. فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ:«إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي» رواه أبو داود.
وفي الاعتصام أورد الإمام الشاطبي هذا القول لعلي رضي الله عنه: “إياكم والاستنان بالرجال؛ فإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ثم ينقلب لعلم الله فيه، فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فينقلب لعلم الله فيه، فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة، فإن كنتم لا بد فاعلين فبالأموات لا بالأحياء. وأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.
ولما روى ابن عمر هذا الحديث: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا». فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. رواه مسلم. وفي رواية: أنَّه لطمه وقال له: يا عدوَّ الله. رواه الطبراني. وفي حلية الأولياء: أنه لم يكلمه حتى مات.
ولما أفتى ابن عباس في متعة الحج بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له الناس: قال أبو بكر وقال عمر، فقال: توشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم قال رسول الله، وأنتم تقولون:قال أبو بكر وقال عمر.
وسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ، قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ ؟ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ ؟ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ. رواه البخاري.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقَالَ:«يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ»! فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ:لَا والله، لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
ومن ذلك ما ثبت عند أبي داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ:«مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ» ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا. إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا».
وأخرج مسلم في الصحيح، أن عمران بن حصين رضي الله عنه حدث فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحياء خير كله». فقال بشير بن كعب: إنا لنجد في بعض الكتب أن منه سكينة ووقاراً لله، ومنه ضعف؟ فغضب عمران رضي الله عنه حتى احمرتا عيناه وقال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه؟!
وفي سنن ابن ماجة، عن عُبَادَةَ بْن الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه، أنه غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه أَرْضَ الرُّومِ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَبَايَعُونَ كِسَرَ الذَّهَبِ بِالدَّنَانِيرِ، وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةً». فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ! لَا أَرَى الرِّبَا فِي هَذَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ. فَقَالَ عُبَادَةُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ! لَئِنْ أَخْرَجَنِي اللَّهُ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيهَا إِمْرَةٌ، فَلَمَّا قَفَلَ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَقْدَمَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَقَبَحَ اللَّهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَأَمْثَالُكَ. وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: لَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ، وَاحْمِلْ النَّاسَ عَلَى مَا قَالَ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْأَمْرُ.
وفي سنن أبي داود، قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه يَوْمًا: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا، يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ، حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ، فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: “مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ؟ مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ”! فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ؛ فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ، وَأُحَذِّرُكُمْ زَيْغَةَ الْحَكِيمِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ. فقيل لِمُعَاذٍ: مَا يُدْرِينِي رَحِمَكَ الله أَنَّ الْحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ وَأَنَّ الْمُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ؟ قَالَ: اجْتَنِبْ مِنْ كَلَامِ الْحَكِيمِ الْمُشْتَهِرَاتِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا مَا هَذِهِ؟ وَلَا يُثْنِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ، وَتَلَقَّ الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتَهُ؛ فَإِنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا.
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: “لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
وقال الأوزاعي رحمه الله: “كان يقال: خمس كان عليها أصحاب محمد والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المساجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله» [أصول الاعتقاد]
وقال أيضا: “ندور مع السنة حيث دارت” [أصول الاعتقاد].
وأختم بأقوال الأئمة الأربعة، المبينة لتعظيمهم للسنة النبوية:
أبو حنيفة رحمه الله
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله:
قال: “إذا صح الحديث فهو مذهبي” [ابن عابدين في الحاشية 1/63].
وقال: “لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه” [ابن عابدين في حاشيته على البحر الرائق 6/293].
وفيها أنه قال لأبي يوسف: “ويحك يا يعقوب -هو أبو يوسف-! لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا، وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد”.
الإمام مالك بن أنس رحمه الله
قال: “إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه” [ابن عبد البر في الجامع 2 / 32].
وقال: “ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم” [ابن عبد البر في الجامع 2/91].
الإمام الشافعي رحمه الله
روى الربيع بن سليمان رحمه الله تعالى قال: سمعت الشافعي وسأله رجل عن مسألة فقال له: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة كذا وكذا. فقال له السائل: يا أبا عبد الله تقول به؟ قال الربيع: فرأيت الشافعي أرعد وانتفض وقال: يا هذا، أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فلم أقل به، نعم على الرأس والعينين، على الرأس والعينين.
وقال: “أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد” [الفلاني، ص 68].
الإمام أحمد بن حنبل
قال رحمه الله: “لا تقلدني، ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا” [ابن القيم في إعلام الموقعين 2/302].
وقال: ” رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة، كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار” [ابن عبد البر في الجامع 2/149].
رب اجعلنا من خير المتمسكين المعظمين لسنة سيدنا الأمين، إنك خير مسؤول. وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
