
بأيكم المفتون، ووقفات مع البرنامج الإسعافي!
بسم الله الرحمن الرحيم
بأيكم المفتون، ووقفات مع البرنامج الإسعافي!
مهران ماهر عثمان
جمعة 18 صفر 1441، الموافق: 18/10/2019
مسجد السلام بالطائف (22)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين أما بعد؛
فإن من أنفع الأشياء للناس: تحريرَ المفاهيم الشرعية؛ لئلا يُتلاعبَ بالمصطلحات الشرعية، فقد عانى الناس كثيراً في عهد النظام البائد من هذا الأمر، فمصطلح التحلُّل على سبيل المثال اعتراه كثير من الباطل، فأطلق على رد المختلس لجزء مما سرقه بدون عقوبة تقع عليه!!
ومن المصطلحات التي تحتاج إلى تحرير وبيان: مصطلحا الفتنة والتطرف! وما أكثر ما يسيء استخدامهما كثير من الناس! ولذلك كانت هذه الخطبة لإيضاح مفهوم الفتنة في الكتاب والسنة، والحديث عن التطرف في الجمعة القادمة بمشيئة الله تعالى.
ما أكثر ما يُرمى زيد أو عمرو بأنه صاحب فتنة بسبب بعض المواقف، فما هي الفتنة في الكتاب والسنة؟ ومن هم الفتانون حتى يحذر الناس منهم؟
ما هي الفتنة لغةً؟
قال ابن فارس: “الفاء والتاء والنون أصل صحيح، يدلُّ على الابتلاء والاختبار” [مقاييس اللغة ج4/ ص472].
مفهوم الفتنة في الكتاب والسنة
1/ الابتلاء والاختبار
قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت/2]. أي وهم لا يبتلون كما في ابن جرير رحمه الله.
ووردت الفتنة بمعنى الابتلاء بالمباحات والنعم؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 28].
قال ابن القيم رحمه الله: “وأما الفتنة التي يضيفها الله سبحانه إلى نفسه، أو يضيفها رسوله إليه كقوله: ﴿وكذلك فتنا بعضهم ببعض﴾، وقول موسى عليه السلام: ﴿إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء﴾ فتلك بمعنى آخر وهي بمعنى الامتحان والاختبار والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر، بالنعم والمصائب” [زاد المعاد 3/ 170].
2/ الصد عن دين الله تعالى
قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 49، 50].
قال القرطبي رحمه الله: “يفتنوك، معناه: يصدوك” [تفسير القرطبي ج6/ ص213].
ومنه قول ربنا: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: 101].
ومنه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ [الأنفال: 73].
وثبت في الصحيحين، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ رضي الله عنه، يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ فَقَالُوا لَهُ: أَنَافَقْتَ؟ يَا فُلَانُ، قَالَ: لَا. وَاللهِ وَلَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأُخْبِرَنَّهُ. فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ اقْرَأْ بِكَذَا وَاقْرَأْ بِكَذَا».
ومعنى أفتان “أَيْ مُنَفِّرٌ عَنِ الدِّينِ وَصَادٌّ عَنْهُ فَفِيهِ” [شرح النووي على مسلم 4/ 182].
3/العذاب
قال تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل:110]. فتنوا: أي عذبوا.
وقال سبحانه: ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ [الذاريات: 14]
وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج: 10].
ومنه: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [الذاريات: 13].
4/ الشرك والكفر
كما في قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 193].
قال البغوي رحمه الله: “شرك” [تفسير البغوي 1/ 214]. وكذا قال ابن كثير رحمه الله.
5/ الوقوع في المعاصي
﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحديد: 13، 14].
قال ابن كثير رحمه الله: “قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أَيْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاللَّذَّاتِ وَالْمَعَاصِي وَالشَّهَوَاتِ ﴿وَتَرَبَّصْتُمْ﴾ أَيْ: أَخَّرْتُمُ التَّوْبَةَ مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ” [تفسير ابن كثير 8/ 18].
وقال البغوي رحمه الله: “﴿فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾، أَهْلَكْتُمُوهَا بِالنِّفَاقِ وَالْكُفْرِ، وَاسْتَعْمَلْتُمُوهَا فِي الْمَعَاصِي وَالشَّهَوَاتِ، وَكُلُّهَا فِتْنَةٌ” [تفسير البغوي 8/ 36].
6/ الإضلال
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [المائدة: 41].
فالفتنة هنا الإضلال كما في [البحر المحيط لأبي حيان 4/ 262].
وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾ [آل عمران: 7].
عزاء للمصلحين
في قول ربِّنا تبارك وتعالى: ﴿ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القلم: 5 – 7]. عزاءٌ للمصلحين فقد اتُّهِم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بالفتنة.
قال السعدي رحمه الله: “وكان أعداؤه ينسبون إليه أنه مجنون مفتون قال تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ وقد تبين أنه أهدى الناس، وأكملهم لنفسه ولغيره، وأن أعداءه أضل الناس، وشر الناس للناس، وأنهم هم الذين فتنوا عباد الله، وأضلوهم عن سبيله، وكفى بعلم الله بذلك، فإنه هو المحاسب المجازي” [تيسير الكريم المنان، ص 878].
من صفات المنافقين التظاهر بالبعد من مواطن الفتن وهم أُسُّها وأَساسها ورأسها
قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ [التوبة: 49]
أي: ومن هؤلاء المنافقين من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول: لا توقعني في الابتلاء بما يعرض لي في حالة الخروج من فتنة النساء، لقد سقط هؤلاء المنافقون في فتنة النفاق الكبرى؛ فإن جهنم لمحيطة بالكافرين بالله واليوم الآخر، فلا يفلت منهم أحد.
ولذا حذَّر الله منهم نحذيراً شديداً فقال: ﴿ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ﴾ [المنافقون: 4].
الفتنة في مخالفة أمر الله وليس في طاعته والصدور عن أمره!
فأهل الفتنة هم المخالفون أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. فالفتنة هنا: الكفر والضلال [زاد المسير لابن الجوزي 3/310].
فاصدع بالحق ولو تفرق الناس بسببه، فإذا قال أحدنا الحق، وانقسم الناس بسبب كلامه إلى طائفتين لم يكن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فتاناً، وإنما ينسب إلى الفتنة من أعرض عن الحق كما مر معنا، فما سمى الله القرآن فرقاناً إلا لكونه يفرق بين الحق والباطل، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].
الفتنة في عدم إنكار المنكر وليس في إنكاره
قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]. “في هذه الآية، أمر الله المؤمنين أن لا يُقِرُّوا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بالعذاب” [زاد المسير في علم التفسير 2/ 201].
تنبيهان
الأول:
يخطئ بعضهم في فهم قول ربنا: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217]، والمراد بالآية: أن شرك المشركين، أعظم عند الله من قتلكم إياهم في الشهر الحرام.
الثاني:
ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديث: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها»، ولا يثبت.
الخطبة الثانية:
وضعت قوى إعلان الحرية والتغيير برنامجاً إسعافياً وسياساتٍ بديلةً جاء فيها:
- ص21، التعديل أو الاستبدال الفوري لكافة القوانين المصادرة للحقوق، والمقيدة للحريات، وسن تشريعات وقوانين بديلة تتوافق والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
- إلغاء منظومة النظام العام في العاصمة والولايات من تشريعات، ومحاكم نظام عام، وشرطة أمن المجتمع.
- إلغاء قانون النظام العام وقانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991، وقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين بقوانين تحفظ كرام المرأة السودانية.
- أن يتم النص فى الدستور على ان تتوافق جميع القوانين مع الدستور ولا تتعارض مع معايير حقوق الإنسان الأساسية، والمواثيق الدولية، والاتفاقات المصادق عليها والتي يجب أن يصادق السودان عليها.
وفي ص: 22
- القانون الجنائي لسنة 1991 (تعديل سنة 2009) يستبدل بقانون متحرر من الفقه المنغلق الذي صدر عنه القانون بما يزيل القيود على حرية الرأي وحرية التعبير، والتعارض مع حقوق الإنسان، والمواد التي سلطت سيفاً على النساء السودانيات، مثل مادة الأفعال الفاضحة.
- قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 2004، ينبغي استبداله بقانون يتحرر من اجتهادات النظام الإسلاموية المنكفئة، فالصيغة المسماة إسلامية صيغة فاشلة أصابت النظام المصرفي في السودان بالشلل، وينبغي تعديلها، تأكيداً؛ لأن سعر الفائدة ليس هو الربا المحرم.
ص24
نوصي أن يقوم السودان عاجلاً بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية التالية:
- أ- المصادقة على الاتفاقيات الدولية (سيداو)
- ب- البروتوكول الإفريقي لحقوق المرأة .
- ث- المحكمة الجنائية الدولية.
ولي وقفات مع ما تلوتُه عليكم:
1/ كانت الخطب الماضية كلها كانت عن وجوب تحكيم شرع الله، وعن شؤم مخالفة أمر الله تعالى في ذلك.
2/ أعلم أن البشير في السادس من فبراير صرح بأنه يريد إلغاء قانون النظام العام متهماً الثوار بأنهم خرجوا لأجل ذلك!!
3/ وأعلم أنه كان لوزارة العدل في عهد النظام البائد اتجاه للتوقيع على سيداو، ثم بسبب تحذيرات المشايخ في مجمع الفقه سكتوا عن ذلك، وقد خطبت عن هذه الاتفاقية الكفرية خطبة كاملة يوم 8 يونيو 2018، وهي منشورة على موقعي وعلى صفحة فيسبوك، وكان عنوانها “سيداو كفر بواح”.
4/ كل ما يمكن أن يقال تعليقاً على البرنامج الإسعافي قلته في الرابع من مايو 2019 في التعليق على بنود الوثيقة الدستورية.
5/ لكن ما يجب عليَّ أن أذكر به الحكومة الانتقالية الآن قصة وآيات ثلاثة:
القصة ذكرتها قبل جمع وأكرِّرها لأهميتها:
حيي بن أخطب كان قد سببا في غدر بني قريظة، ففي غزوة الأحزاب، ذهب حيي هذا إلى كعب بن أسد، سيد بني قريظة، وأشار عليه بنقض عهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ويحك يا حيي! فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقاً ووفاءً. فقال له: لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمدا لأدخلن معك في حصنك، حتى يصيبني ما أصابك، فلم يزل به حتى نقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين.
ولما ردَّ الله الذين كفروا بغيظهم وكفى المؤمنين القتال دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان؛ وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده، فلما أتي به- وعليه حلة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئلا يسلبها- مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله ما لمت نفسي في معاداتك، ولكن من يغالب الله يغلب” [الرحيق المختوم، ص291].
وأما الآيات الثلاثة:
فقول ربنا: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44].
وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45].
وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47].
ونصيحتي لكم معشر المصلين:
نحن جميعاً مسؤولون أمام الله تعالى، ماذا قدمنا لإنكار هذا المنكر؟ هذا السؤال في يوم القيامة لن يكون خاصاً بالأئمة والدعاة والخطباء، الواجب علينا جميعاً أن نتعاون لإنكار هذا المنكر بجميع الوسائل السلمية، أكرر: السلمية؛ حرصاً على استقرار هذه البلاد.
رب صل وسلم على نبينا محمد.
