
العمرة: فضائل وأحكام
بسم الله الرحمن الرحيم
العمرة: فضائل وأحكام
مهران ماهر عثمان
خطبة 14/7/1426
مسجد خالد بن الوليد بأركويت 63
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمداً رسولُ الله، أما بعد؛
فإن من العبادات العظيمة عبادة العمرة، وهذه كلمات في بيان فضلها، وشيء من أحكامها.
معنى العمرة
العمرة في لغة العرب: الزيارة.
وفي الشرع: الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة بإحرام([1]).
حكم العمرة
أجمع العلماء على مشروعية العمرة، ولكنهم اختلفوا في حكمها، فقال بعضهم بوجوبها، والصحيح قول من قال باستحبابها. وأما قول الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله﴾ [البقرة/196] فلا يدلُّ على وجوبها، بل غاية ما في الآية الكريمة الأمر بإتمامها لمن شرَع فيها.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: “ذهب المالكية وأكثر الحنفية إلى أن العمرة سنة مؤكدة في العمر مرة واحدة. وذهب بعض الحنفية إلى أنها واجبة في العمر مرة واحدة على اصطلاح الحنفية في الواجب([2])، والأظهر عند الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة أن العمرة فرض في العمر مرة واحدة، ونص أحمد على أن العمرة لا تجب على المكي؛ لأن أركان العمرة معظمها الطواف بالبيت وهم يفعلونه فأجزأ عنهم”.
فضل العمرة
مما يدل على فضل العمرة وكبير ثوابها ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وحج واعتمر وقال: إني مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» رواه أبو يعلى بهذا اللفظ. فلولا ما فيها من ثواب كبير لما ذكرها النبي في التعريف بالمنافق وأنه لا ينتفع بها مع عِظم ثوابها، ولما قرنها النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة والصيام والحج.
ومما جاءت به السنة في بيان فضلها:
أنها تكفر السيئات
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» أخرجه البخاري ومسلم.
والإكثار منها وقاية من الفقر
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما يَنْفِيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحَجَّة المبرورة ثوابٌ إلا الجنة» رواه الترمذي.
والمعتمرون وفد الله، أضافهم إلى نفسه تشريفاً لهم
ثبت في سنن النسائي، عن هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وفد الله ثلاثة: الغازي، والحاج، والمعتمر».
ودعاء المعتمر مستجاب
فعند ابن ماجه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ الله، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإِنْ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ». وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم» رواه البزار.
والعمرة جهاد في سبيل الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة» رواه النسائي بإسناد حسن.
والعمرة وقاية من النار وسبب لدخول الجنة
ومن جمع الله له بين هاتين الكرامتين فقد فاز؛ لقول ربِّنا: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران/185].
قال أبو المنتفق رضي الله عنه: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، فدنوت منه حتى اختلفت عنق راحلتي وعنق راحلته، فقلت: يا رسول الله أنبئني بعمل ينجيني من عذاب الله ويدخلني جنته، قال: «اعبد الله ولا تشرك به شيئا، وأقم الصلاة المكتوبة، وأدِّ الزكاة المفروضة، وحج واعتمر، وصم رمضان، وانظر ماذا تحب من الناس أن يأتوه إليك فافعله بهم، وما تكره من الناس أن يأتوه إليك فذرهم منه» رواه أحمد والطبراني.
أوجه الإتيان بالعمرة
1/ إفراد العمرة.
وذلك بأن يحرم بالعمرة وحدها.
2/ التمتع: وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويأتي بأعمالها ويتحلل، ثم يحج من عامه.
3/ القران: وهو أن يحرم بالعمرة والحج معاً في إحرام واحد، ويجزئه لهما طواف واحد، وسعي واحد.
وقت العمرة
ليس للعمرة وقت معين، بل يؤتى بها في أي وقت ما عدا أيام الحج.
وأفضل أوقاتها في رمضان؛ لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «عُمْرَةٌ فِي رَمضَان تَعْدِلُ حَجَّةً معي» أخرجه الشيخان.
وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج، فقالت امرأة لزوجها: أحججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما عندي ما أحججك عليه. فقالت: أحججني على جملك فلان. قال: ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله وإنها سألتني الحج معك، فقلت: ما عندي ما أحججك عليه. قالت: أحججني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل؟ فقال: «أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله». قال: وإنها أمرتني أن أسألك: ما يعدل حجة معك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرئها السلام ورحمة الله وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة معي عمرة في رمضان» رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه كلاهما بالقصة، واللفظ لأبي داود.
ولا ينبغي لمسلم أن يعتقد أن للعمرة في رجب فضلاً خاصاً، فهذا مما لا دليل عليه، فقد دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب، من ذلك ما رواه الشيخان عن مجاهد: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعاً، إحداهن في رجب. فكرهنا أن نرد عليه، فقال عروة: يا أمَّاه، يا أم المؤمنين، ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنَّ في رجب. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد (أي حاضر معه) وما اعتمر في رجب قط.. وجاء عند مسلم: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم. قال النووي رحمه الله: “قال العلماء: هذا يدل على أنه –ابن عمر- اشتبه عليه، أو نسي، أو شك. ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة”([3]).
وأما الوقت الذي ينبغي أن يكون بين العمرة والعمرة فقد قال الإمام أحمد لما سئل: كم بين العمرتين؟ قال: ينتظر حتى يُحمم رأسه. أي يسود بنبات الشعر عليه.
ولو كررها مباشرة فلا حرج عليه([4]).
صفة العمرة
- بالنسبة لأهل السودان فإنهم يحرمون من جدة إن كانوا سيذهبون إلى مكة، وإن سافروا إلى المدينة فمن “أبيار علي”، تحرم المرأة في حجابها، ويحرم الرجل في إزار ورداء بعد أن يتجرد من جميع ملابسه إلا الإزار والرداء، ويحظر على الحاج بعد الإحرام: حلق الرأس، واستعمال الطيب، والجماع ومقدماته، وعقد النكاح لنفسه ولغيره، وقتل الصيد وتنفيره، والتقاط اللقطة إلا لمعرِّف، وقطع نبات الحرم، ولبس القميص والسراويل والخفاف والجوارب والعمائم للرجل، والنقاب والقفازين للمرأة.
- بعد ذلك يحمد الله، ويسبحه، ويكبره (وهذه سنة غائبة)، ثم يلبِّي ويقول: لبيك عمرة، ويجهر بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. وتستمر هذه التلبية إلى أن يشرع في طواف العمرة.
- لا يثبت دعاء معين عند رؤية البيت العتيق، ويقدم رجله اليمنى إذا دخل ويقول ما يقوله إذا دخل غيره من المساجد، ويتجه للطواف إذا كان دخوله لحج أو عمرة أو تطوع بالطواف، لكن لو أراد أن يمكث فيه أو أراد طلبَ علم أو غير ذلك فليبدأ بركعتي تحية المسجد.
- صفة الطواف: أنه يبدأ بالحجر الأسود، يستقبله، ويشير إليه، ويكبر.
- يفعل هذه الثلاثة قبل كل شوط. فإذا شقَّ عليه أن يستقبله ببدنه كله فإنه يشير ويكبر ماشياً. ففي البخاري: “طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير، كلما أتى الركن أشار إليه بشيء عنده وكبر».
- ليس للطواف ذكر خاص، بل يكبر ويسبح ويحمد ويهلل ويقرأ القرآن ويدعو لنفسه ولمن يحب، فإذا بلغ الركن اليماني استلمه، وإن لم يتيسر له لم يشر إليه، ويدعو بين الركن اليماني وبين الحجر الأسود بهذا الدعاء: ﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾، فيفعل هذا في كل شوط، وكلما مر بالحجر الأسود استقبله وأشار وكبر، ومنه يبدأ طوافه وعنده ينتهي، وكلما مر بالركن اليماني استلمه إن تيسر، ولا يستلم الركن الشمالي ولا الغربي.
- وفي هذا الطواف يضطبع الرجل (يبدي كتفه الأيمن بجعل الرداء تحت إبطه)، ولا يضطبع إلا إذا شرع في الطواف، فإذا انتهى من الطواف أعاد الرداء وغطى به كتفيه. والسنة أن يسرع في الأشواط الثلاثة الأولى مع مقاربة الخُطا إن تيسر له ذلك وهذا هو الرَّمَل.
- وبعد الشوط السابع لا يقف مكبراً مشيراً إلى الحجر الأسود. ويفعل الاضطباع والرمل في طواف العمرة سواء كانت عمرة مفردة (لا علاقة لها بالحج)، أو كانت عمرة تمتع، وفي طواف القدوم للمفرد والقارن.
- بعد هذا الطواف يذهب إلى مقام إبراهيم ويقرأ: ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾، ويصلي ركعتين ويجعل مقام إبراهيم بينه وبين الكعبة فإن لم يتيسر صلاهما في أي مكان من المسجد، ويقرأ في الركعتين بالكافرون والإخلاص.
- ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه بدون تقبيل فإن لم يتيسر للزحام فلا يشير إليه.
- لو شكَّ في عدد الأشواط بعد الفراغ من الطواف فلا يلتفت إلى هذا الشك، وإذا شك في أثنائه ففي الشك المتساوي الطرفين يبني على اليقين، وفيما ترجح أحد طرفيه فإنه يبني على غلبة الظن.
- ثم يسعى، فيقصد الصفا ويقرأ عندما يدنو من الصفا: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، ويقول: «نبدأ بما بدأ الله به»، وهذه الآية لا يكررها، بل يقرؤها إذا دنا من الصفا لأول مرة، ثم يرقى عليه، فإذا نظر إلى الكعبة قال: لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو، ثم يقول هذا الذكر، ثم يدعو، ثم يقوله ولا يقف بعده للدعاء، بل ينصرف إلى المروة.
- يركض شديداً بين العلمين الأخضرين إن استطاع، ولا تركض المرأة، ثم يمشي إلى المروة، ويفعل فيه ما فعله في الصفا، وهكذا يبدأ سعيه بالصفا وينهيه بالمروة.
- إذا بلغ المروة في آخر شوط لم يقف للدعاء كما فعل سابقاً.
- ثم يتحلل من عمرته بتقصير الرأس كلِّه، أو بالحلق، والحلق أفضل.
وبهذا تمت العمرة.
تنبيهات وأحكام
من عزم على أداء هذه العبادة العظيمة فعليه أن يتنبه لهذه الأمور:
منها: أن يُخلص في عبادته؛ لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً.
ومنها: أن يقف على أحكامها ويتعلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها؛ لأن الله لا يقبل من العمل إذا ما كان موافقاً لهدي نبينا صلى الله عليه وسلم، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم حجة الوادع: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» رواه مسلم.
ومنها: التوبة ورد المظالم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ»؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» رواه مسلم.
ومنها: أن يتزود لعمرته؛ لئلا يريق ماء وجهه بسؤال الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَكَفَّلَ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ شَيْئًا وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ»؟ فَقَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا. فَكَانَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا. رواه أحمد.
ومنها: أن يعتمر بمال حلال؛ فإن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً، ومن اعتمر بمال سحت فإنما أتعب نفسه.
ومن الأخطاء أن تخرج المرأة للعمرة أو الحج بلا زوج أو محرم، فعن عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم». فقال رجل: يا رسول الله إني اكتُتبت في غزوة كذا وكذا، وامرأتي حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «ارجع فحُجَّ مع امرأتك» أخرجه البخاري ومسلم. مع أن الصحابة ما كان ولا يكون مثلهم في الطهر والنقاء والعفة أرجعه النبي صلى الله عليه وسلم من جهاده وغزوه ليحج مع زوجه.
وينبغي الحرص على الإكثار من الصلاة في الحرمين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى» رواه البخاري ومسلم. والصلاة فيه مضاعفة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» رواه البخاري ومسلم.
ينبغي أن يحرص من سافر إلى المدينة النبوية على زيارة البقيع. قال شيخ الإسلام رحمه الله: “ويستحب أيضا زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم والاستغفار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد ذلك، مع أن هذا مشروع لجميع موتى المسلمين”([5]).
وليست هناك حاجة ليُحمِّل مسلم حاجاً أو معتمراً أمانة أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم! قال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ لله ملائكةً سيَّاحين يبلِّغوني عن أمتي السلام» رواه أحمد.
والحيضُ لا يمنع العمرة، فمن حاضت فإنها تحرِم من الميقات، ولكنها لا تطوف بالبيت إلا بعد أن تطهُر، فإن حاضت المرأة بعد الطواف وقبل السعي فيمكنها أن تسعى وتكمل عمرتها؛ فالسعي لا تشترط له الطهارة. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما حاضت قبل دخول مكة: «افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» متفق عليه.
وينبغي العناية بالعبادة في الروضة، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» رواه البخاري ومسلم. يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: “قوله: «روضة من رياض الجنة»، أي: كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر، لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلم، فيكون تشبيها بغير أداة. أو المعنى أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة، فيكون مجازاً. أو هو على ظاهره، وأن المراد أنه روضة حقيقة، بأن ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة. هذا محصل ما أوَّلَه العلماء في هذا الحديث. وهي على ترتيبها هذا في القوة”([6]). وأما رواية «قبري» فهي رواية بالمعني، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وترجم بذكر القبر، وأورد الحديثين بلفظ البيت؛ لأن القبر صار في البيت، وقد ورد في بعض طرقه بلفظ: (القبر)، قال القرطبي: الرواية الصحيحة (بيتي)، ويروى (قبري) ، وكأنه بالمعنى؛ لأنه دفن في بيت سكناه”([7]).
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] / الموسوعة الفقهية الكويتية (2/11052).
[2] / منزلة بين الفرض والسنة.
[3] / شرح مسلم (8/235).
[4] / https://binbaz.org.sa/fatwas/12595/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%AA%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D9%81%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%85
[5] / مجموع الفتاوى (17/470).
[6] / فتح الباري (4/100).
[7] / فتح الباري (3/70).
