مقالات

الأسرة ومعاول الهدم

بسم الله الرحمن الرحيم
الأسرة ومعاول الهدم
خطبة الجمعة بتاريخ 26 فبراير 2021م
مهران ماهر عثمان

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، أما بعد؛
فقبل الحديث عن مسألة الأسرة في الإسلام لابدَّ أن نتعرف على حال الأسرة في الجاهلية قبل الإسلام، وحالها في الغرب، أما استهدف المواثيق الدولية للأسرة فهذه مسألة تحتاج إلى خطبٍ أخرى.
الأسرة في الجاهلية
إذا رزق الله الأسرة في الجاهلية بنتاً فإن الكآبة تحيط بهم بسبب ذلك من كل جانب!! قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [النحل: 58، 59]. وقال: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [الزخرف: 17]. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: 8، 9].
في الجاهلية كانت الإرث خاصاً بالرجال، فكانت المرأة تحرم من نصيبها في مال مورِّثها.
وإذا مات الرجل وترك زوجة فإن لولده من غيرها الحقَّ في أن يتزوجها، أو أن يزوجها لغيره، أو أن يمنعها من ذلك!
أما الأسرة في الغرب
فيمكن أن تقوم علاقة الزواج بين: رجلين، أو رجل وامرأة، أو امرأة وحيوان!! وربما استغنى الرجل عندهم أو الأنثى بالدمى الجنسية!!
وظاهرة عيش الرجل مع خليلته التي لا تربطها به رابطة الزواج في ازدياد شديد!
ومن الظواهر المعتادة في المجتمع الغربي أن يترك الأولاد بيوت آبائهم عند بلوغهم سنَّ الثامنة عشرة أو قريباً من ذلك.
وتحمي قوانينهم البنت التي تأتي بعشيقها إلى بيت أبيها ولا يحق له أن ينكر ذلك عليها. هذه نبذة يسيرة عن حال الأسرة في الغرب!
أما الأسرة في الإسلام
فبناؤها يكون بالميثاق الغليظ الذي ذكر الله في كتابه: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21].
هذا الزواج رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأوضح عبارة في حديث البخاري، عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
وما أكثر ما جاء من الأحاديث في الترغيب في هذه الشعيرة!
فلبنة كلِّ أُسرة زوجان، وقد جاءت الشريعة ببيان حقِّ كلِّ واحد منهما على صاحبه.
فمما جاء في بيان حق الزوج:
حديث حُصَيْن بْن مِحْصَنٍ، قال: أَتَتْ عمتي إلى رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال َلها: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ»؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فقال لها: كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ فَقَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ أَوْ نَارُكِ» رواه مالك في الموطأ.
ومعنى: ما آلوه: ما أُقَصِّر في خدمته ورضائه ما استطعت.
ومما جاء في بيان حق الزوجة:
حديث عائشة رضي الله عنها، فقد قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» رواه الترمذي.
ويجب على الأولاد أن يبروا آباءهم وأمهاتهم، وهذا مما يحفظ الأسرة من الضياع والتمزق.
قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: 23 – 25].
ولا يترك الولد بيت والديه بدون إذنهما ولو كان السفرُ بغرض الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأي عناية بالأسرة أعظم من عناية الإسلام بها؟!
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: «أحي والداك»؟ قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد» رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رجلا من أهل اليمن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هل لك أحد باليمن»؟ قال: أبواي. قال: «أذنا لك»؟ قال: لا. قال: «فارجع إليهما، فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما» رواه أبو داود.
وفي صحيح مسلم، أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: – أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله. فقال له نبينا صلى الله عليه وسلم: «فهل من والديك أحد حي»؟ قال نعم، بل كلاهما حي. قال: «فتبتغي الأجر من الله»؟ قال: نعم. قال: «فارجع إلى والديك، فأحسن صحبتهما».
ولما منعت أويساً صحبةُ أمه من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أثنى عليه بذلك.
ثبت في صحيح مسلم أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كان إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ». فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ. قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
وجعلت الشريعة الإحسان إلى صديق الوالد إحساناً إليه وبِرَّاً به، وهذا يدل على عظيم عناية الإسلام بالأسرة، فشريعة الله ما حثت على ذلك إلا وفاءً للوالد.
في صحيح مسلم، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الله، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ الله إِنَّهُمْ الْأَعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ فَقَالَ عَبْدُ الله: “إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ». ولذا أحسن ابن عمر إلى ولده.
وعن أبي بردة قال: قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر، فقال: أتدري لم أتيتك؟ قال: قلت: لا. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده»، وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وود، فأحببت أن أصل ذاك. رواه ابن حبان في صحيحه.
وقد جعل الله للأبناء على آبائهم حقاً كما أن للوالد على ولده حقاً:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وإن لولدك عليك حقاً» رواه مسلم.
وثبت عن ابن عمر قال : “إنما سماهم الله أبراراً لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا” [الأدب المفرد، ص: 94].
وإذا أكرم الله الزوجين ببنت، فإنه يتعين على والديها أن يحسنا إليها، وتأمل في هذا الحديث الذي ورد في شأن الترغيب في ذلك:
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة، فأعطيتها، فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت، فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فقال: «من يلي من هذه البنات شيئاً، فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار» رواه البخاري.
لكن ما معنى «فأحسن إليهم»؟
بينت روايات عديدة المراد من ذلك، وهي:
«فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن» رواه ابن ماجه.
وللطبراني: « فأنفق عليهن، وزوجهن، وأحسن أدبهن».
وعند أحمد: «يؤويهن، ويرحمهن، ويكفلهن».
وللترمذي: «فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن».
وكما بينت الشريعة حق الوالد على الولد وحقه على والديه بينت ما للإخوة من الحقوق، بعضهم على بعض؛ وهذا كلُّه يدل على عناية ديننا بها. ثبت عن إياد بن لَقيط رضي الله عنه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: «بر أمك, وأباك, وأختك, وأخاك, ثم أدناك أدنا» أخرجه الحاكم وأحمد.
تشريعات من شأنها أن تحقق الحفاظ على الأسرة والإبقاء عليها
ومن ذلك:
أن الطلاق مرتان.
ولا يطلق الرجل إلا في طهر لم يمسس المرأة فيه، أو يطلق حال حملها.
وإذا وقع طلاق بينهما وجب على الزوجة أن تمكث في بيت زوجها، ونهى ربنا الزوج عن إخراجها؛ قال تعالى في ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: 1].
ولا يخفى أن الرجل إذا طلق زوجه وبقيت في بيتها ولم يقحم الزوجان أحداً بينهما فغالبا ما يُحل الإشكال بينهما.
وإذا طلقها وقال لها: أنت مرجوعة عادت إليه، ولا يملك أحد من أقاربها منعها من ذلك.
وإذا استحكم الخلاف بينهما ولم يكن بإمكانهما حلُّ خلافاتهما فقد شرع لهما ربهما سبحانه أن يتشاور في أمرهما حكم من أهله وحكم من أهلها، وعليهما العمل بما يقضي به هذان الحكمان.
ألا يدل كل هذا على عظيم عناية دين الإسلام بالأسرة؟!
هذه الأسرة التي هدف ديننا إلى الحفاظ عليها يحاول أعداؤه تفكيكها.
ومن معاول الهدم التي يتعين علينا التحذير منها:
الدعوة إلى زواج البنات من غير ولي!!
أدلة اشتراط الولي في النكاح
1/ قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: 32].
2/ وقال: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: 221].
3/ وقال: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة: 232].
ووجه الدلالة من هذه الآيات أن الله تعالى خاطب الأولياء بعقد النكاح.
4/ عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة. وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي (1 / 318).
5/ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة. وصححه الألباني في إرواء الغليل (1840).
6/ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» رواه ابن ماجة.
فإن منعها وليها من الزواج ممن تريد بغير عذر شرعي انتقلت الولاية إلى الذي يليه فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً. فإن منعها الأولياء كلهم بغير عذر شرعي فإن السلطان يكون وليَّها للحديث السابق: «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له».
قال ابن قدامة رحمه الله: “فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها” [المغني 9 / 362].
ختاماً:
لابد من العلم بأن الإمام أبا حنيفة تبرأ ممن يأخذ بقوله إذا خالف السنة الثابتة، قال رحمه الله: “إذا صح الحديث فهو مذهبي” [ابن عابدين في الحاشية 1/63]. وقال: “لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه” [ابن عابدين في حاشيته على البحر الرائق 6/293]. وفيها أنه قال لأبي يوسف: “ويحك يا يعقوب -هو أبو يوسف-! لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا، وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد”.
وأقوال العلماء ليست حجةً، وإنما الحجة في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
رب صل وسلم على نبينا محمد.

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *