مقالات

شبابنا والحب

بسم الله الرحمن الرحيم

شبابنا والحب

مهران ماهر عثمان

25/12/2012م،

بعد أن أنهيتُ محاضرتي في جامعة النيلين التي كنت أعمل بها متعاوناً، وذلك في يوم الأربعاء 25/12/2012م، فتحت باب الأسئلة، فكان أكثرها خارج المقرر، وهذا أمر أحثهم عليه باستمرار؛ أن يسألوا فيما يريدون السؤال عنه، وكان آخر سؤال طرح عن العلاقات العاطفية بين طلاب الجامعة وطالباتها!! وطلبت إليهم قبل البدء في الإجابة عن سؤالهم أن يكون نقاشنا متسما بالصراحة المطلقة وبالصدق، ومن أجل أن يتحقق هذا قلت لهم: لا أريد منكم الآن أن تحاوروني كمحاضر! وإنما كأخ كبير؛ ليبوحوا بما عندهم ويصدُقوا في الإجابة عما أطرحه عليهم من استفسارات.

وبدأتُ النقاش معهم بسؤال: ما هو حكم الحب في دين الإسلام! هل يجوز للرجل أن يحب من خطبها؟ وهل يجوز للمرأة أن تحب رجلا أجنبياً خطبها ولم يتزوجها؟ وبالسؤال التالي تيسرت إجابتهم عن السؤال السابق، سألتهم: هل تعقلون أن شاباً يخطب فتاة بدون أن يحبها؟! إن الإسلام لم يتحدث عن تحريم الحب! وهذا ما لا يملكه الإنسان، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك»، فأن يحب الرجل من يريد الزواج منها ليس حراماً، الحرام أن يُترجم الحب إلى اتصالات وسهر وهيام وغزل في مكالمات الليل! الحرام أن يخرج معها كيفما شاء كأنها زوجته! الحرام أن يترجم إلى أفعال تسخط الله تعالى.

أذكر أنني طرحت هذا السؤال في مسجد خالد بن الوليد بأركويت مربع (63) لما كنت خطيبا فيه، وكان الحديث عن (الحب في الإسلام)! قلت لهم: هل يجوز للرجل أن يحب مخطوبته؟! قالوا: لا! فقلت لهم: هل منكم من تزوَّج امرأة وهو لا يحبها؟!! فقالوا جميعاً: لا!! إذاً: أنت لا تملك ألا تحب! ولكنك تملك أن تتقي الله في هذا الحب!

فلما فرغتُ من طرح هذه القضية سألت طلابي وطلبت إليهم أن يجيبوا عن سؤالي بصراحة: قلت لهم: بالله عليكم هل يمكن أن تكون هذه العلاقات العاطفية بهذه المظاهر التي نراها في الجامعة وخارجها هل يمكن أن تكون حلالاً؟

فأجابوا بصوت واحد: لا.

ثم أتبعت هذا السؤال بسؤال آخر، قلت لهم: الآن نحن متفقون على أن الشاب إذا خطب فإن حبه لمخطوبته هو ما دفعه إلى خطبتها، وأنه إذا خطبها لا يؤمر بعدم حبها، والسؤال: أنتم الآن هل أدركتم هذه المرحلة؟ (أعني: مرحلة الخطوبة والبحث عن الزوجة، وهم في السنة الأولى في الجامعة)؟ أنتم في السنة الأولى، لا زلتم في بداية الطريق، أمامكم دراسة طويلة، ورحلة عمل تردون فيها بعض ديون أهلكم، وتؤهلون فيها أنفسكم، فهل من العقل في شيء أن يتشاغل الطلاب في هذه المرحلة من حياتهم بأمر كهذا. فأمنوا على صدق ما قلته، ولا شك أنَّ هذه العلاقات تؤثر سلباً على تحصيلهم العلمي.

ثم توجهت بكلامي للطلاب دون الطالبات: قلت لهم أريد رداً صريحاً: هذه الفتاة التي تعلقت بزميلها وتعلق بها هل توقعون أنه إذا طرق بابها أحد (عريس جاهز) هل تتوقعون أن ترده؟! فقالوا بصوت واحد ارتجت القاعة به: لا.. لا.. لا

قلت لهم: بالتأكيد ستتخلى عنه (حتبيعو)!

ثم سألت بناتي: هل تتوقعن أن شابا أحب فتاة وكان يخرج معها، ولا حدود في علاقته بها، هل تتوقعن أنه يرضى بها زوجة؟! فأجبن بصوت واحد: لا.

وهذا حق، فالشاب في هذه المرحلة يريد أن يقضي وقتا لا أكثر من ذلك، يحب ويغازل ويخرج بها ويدخل معها، لكن إذا أراد أن يختار أم أولاده ركل من خانت الله معه بكلتا قدميه واختار غيرها!

ثم قلت لهن: يا بناتي المرأة إذا ملك الشاب قلبها أعطته كل شيء! ثم يكون الندم والحسرة، لكن.. بعد فوات الأوان! والعاقلة لا تمكن العاقد من نفسها، فكيف بالخاطب أو العاشق؟! لأن العاقد قد يموت ولم يُعلن إتمام الزواج، وقد يفارقها وينكر أنه بنى بها، فكيف يكون موقفها؟

ثم ختمت كلامي مع طلابي بقولي للشباب: بعض علمائنا يذكر أن الزنا دين لابد من الوفاء به! وهذه المقولة قد ينكرها الإنسان من أول وهلة، فيقول: وما ذنب زوجته وأخته؟ ألا يمكن أن تكون زوجة من يعبث بأعراض المسلمين عفيفة؟ والجواب: لا ذنب لها، وهذا ممكن وواقع، ولكن لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أنه بالإمكان أن يقدر الله لهذا الذي سبق في علمه أنه سيخون إخوانه المسلمين يوما في أعراضهم زوجةً خائنةً مثله، ليشرب من الكأس الذي سقى بها غيره!

لا زلت أذكر معلما رسالياً لمادة الكيمياء بمدرسة (علي السيد علي)، كان يكرر لنا هذه القصة:

رجل منحرف في قرية أعجبته فتاة عفيفة، فأرسل إليها امرأة كبيرة في السن لتأتي إليه بها (قواده)، فخدعتها، وأوهمتها أنها بحاجة إلى مساعدتها، فذهبت معها، ثم خرجت سريعاً وأغلقت الباب لتتركها مع ذلكم الفاحش الزاني، فما كان من الفتاة إلا أن قالت: أعوذ بالله! فلم يستطع أن يتحرك من مكانه! فذهب لتخبر أباها بما كان فقال لها: والله ما خنت الله يوما في عرض أحد أفيضيع الله عرضي!! «احفظ الله يحفظك».

لقد قابلت شابا في هذه الجامعة قبل شهر وقال لي: (يا شيخ أنا كنت مغنطيس بنات! وعملت أي حاجة في بالك! وخايف من حاجة واحده: انو بعدين ألقى العملتو دا في زوجتي)!! فقلت له: ما دمت قد تبت فلا تحمل هما؛ فالتائب من الذنب كمن لا دنب له.

ابني الشاب: ما لا ترضاه لأختك فلا تعامل به أخوات المسلمين.

ابنتي: أنت أعقل من أن تتهاوني في شرفك وعفتك!

رب صل وسلم على نبينا محمد.

 

 

 

 

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *