مقالات

فضل الزكاة وأحكام زكاة الزرع

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الزكاة وأحكام زكاة الزرع

مهران ماهر عثمان

خطبة 24 شوال 1445هـ

مسجد كوربا – دنقلا

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله صحبه أجمعين، أما بعد؛ فهذان محوران تقوم عليهما خطبتي هذه:

  • فضل الزكاة.
  • أحكام مهمة في زكاة الزروع.

فضل الزكاة

ركن الإسلام

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» رواه البخاري ومسلم.

وقاية من الآفات

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن أدى الرجل زكاة ماله؟ «إذا أديت زكاة مالك؛ فقد أذهبت عنك شرَّه» رواه الحاكم.

يجد أصحابها طعم الإيمان

عن عبد الله بن معاوية الغاضري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده، وعلم أن لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبةً بها نفسُه» رواه أبو داود.

من أداها فقد أدى الذي عليه

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك، ومن جمع مالا حراما ثم تصدق به؛ لم يكن له فيه أجر» رواه ابن حبان.

من موجبات الجنة

عن أبي أيوب رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي  صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة. قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم» رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس، على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه” رواه الطبراني.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: «لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» رواه أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه.

علو المكانة في الجنة

عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال: جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان وقمته، وآتيت الزكاة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء» رواه البزار بإسناد حسن.

 

أحكام تتعلق بزكاة الزورع

1/ وجوب الزكاة في الزرع

زكاة الزروع واجبة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فيما سقت السماءُ العُشْرُ» رواه البخاري.

وأجمع العلماء على ذلك، قال ابن حزم رحمه الله: “وجبت الزَّكاةُ فيما زاد على خمسةِ أوسُقٍ، بنصِّ قولِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وبالإجماعِ المتيقَّنِ على ذلك” [المحلى 4/ 24].

2/ هل في المحصول حقٌّ سوى الزكاة؟

قال ابنُ عَبدِ البَرِّ رحمه الله: “عن ابن عبَّاس قال: من أدَّى زكاةَ مالِه، فلا جُناح عليه ألَّا يتصَدَّقَ، وعلى هذا مذهبُ أكثر الفقهاء: أنَّه ليس في الأموالِ حقٌّ واجِبٌ غيرُ الزَّكاة” [التمهيد 4/ 211].

3/ ما هي الزورع التي تجب فيها الزكاة؟

هذه من مسائل الخلاف بين الفقهاء رحمهم الله، والذي نص عليه الإمام أبو حنيفة أن الزكاة واجبة في كل ما يخرج من الأرض.

ومذهب الإمام أحمد: تخرج مما كان مكيلاً مدخراً؛ لذكر الأوسق، ولأن الادخار تتم به النعمة لكون الانتفاع متحققاً به في الحال والمآل.

ومذهب المالكية أنها تجب في عشرين صِنفاً:

التمر والزبيب والقمح والسُّلْت والشعير

والذرة والدخن والأرز والعَلَس (ويسمى بالقمح الرومي).

والحبوب الزيتية الأربعة: الزيتون والسمسم والقُرْطُم([1]) وبذور الفِجْل

والحمص والفول واللوبيا والعدس والترمس والجِلْبان([2]) والبسيلة.

فلا تجب الزكاة عند جمهور العلماء -ومنهم المالكية- في الفواكه والخضروات.

4/ ما هو نصاب زكاة الزرع؟

عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» متفق عليه.

والوَسْق: ستون صاعاً.

فالنصاب إذا = 60 x 5 = 300 صاع.

وفي القيراط ثلاثة آصُع.

فالنصاب إذاً: (100) قيراط.

5/ هل نضمُّ الأجناس إلى بعضِها؟

الحمص والفول واللوبيا والعدس والترمس والجِلْبان والبسيلة جنسٌ واحدٌ، فهذه تُضَمُّ إلى بعضها، ويضم القمح إلى الشعير والسُّلْت، والتمور بأصنافها جنس واحد، وأما حبوب الزيوت الأربعة فأجناس مختلفة.

6/ هل يخصم الدين (مؤنة الزرع والحرث والحصد) قبل الزكاة؟

أكثر العلماء –ومنهم الأئمة الأربعة- على أنها لا تخصم قبل الزكاة.

وبعض العلماء على أنها تخصم، والأحوط القول الأول.

ثبت في مصنف ابن أبي شيبة، “عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يُنْفِقُ عَلَى ثَمَرَتِهِ. فَقَالَ: أَحَدُهُمَا يُزَكِّيهَا. وَقَالَ الْآخَرُ: يَرْفَعُ النَّفَقَةَ وَيُزَكِّي مَا بَقِيَ”.

واختيار الدولة يرفع الخلاف في مثل هذه المسائل.

7/ المقدار الذي يُخرج للزكاة

عن عبد الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «فيما سقتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ أو كان عَثَريًّا، العُشْرُ، وما سُقِي بالنَّضْحِ (وفي مسلم: وفيما سقت السَّانيةُ)، نِصفُ العُشر» متفق عليه.

والمراد: ما أخذ الماء بعروقه بغير كُلْفَة، وإن سقي بالكلفة فنصف العشر.

عثرياً: ما يعثر على الماء بعروقه فيشرب بعروقه بدون كلفة.

والدابة الناضحة التي تسقي الزرع، وكذلك السانية: التي يُسقى بها.

وإذا سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتُبر الأكثر الغالب.

8/ وقت وجوب الزكاة

قال ابن قدامة: “وَوَقْتُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَبِّ: إذَا اشْتَدَّ، وَفِي الثَّمَرَةِ: إذَا بَدَا صَلَاحُهَا” [المغني 4/ 169].

ويترتب على معرفة وقت الوجوب:

– الحكم بالضمان: فلو تلف الزرع قبل وقت الوجوب: سقطت عنه الزكاة مطلقاً، وأما بعد وقت الوجوب: فلا تسقط عنه الزكاة، إلا إذا كان التلف بآفة سماوية، أو بأمر لا يد له فيه.

– لو باعها قبل وقت الوجوب، قبل بدو الصلاح: فلا زكاة عليه، والزكاة على المشتري، ولو باعها بعد بدو الصلاح فالزكاة على البائع.

– لو ورِث الزرع والثمار قبل بدو الصلاح: فتلزمه زكاته، ولو ورثها بعد بدوه: فلا زكاة عليه.

– إذا تصرف المالك في الحب قبل اشتداده؛ بأن جعله علفاً للبهائم أو أهداه، فلا زكاة فيه؛ لأن وقت وجوب الزكاة في الحب اشتداده، هذا إذا لم يقصد التهرب من الزكاة.

ولا يشكل على ما سبق قوله تعالى : ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141].

فقد نزلت هذه الآية في مكة قبل فرض الزكاة بمقاديرها وأنصبتها، والمراد بالحق في هذه الآية: حق آخر غير الزكاة، وهو حق مستحب، فيستحب لصاحب الثمار والزروع أن يعطي من محصوله يوم الحصاد والجذاذ، للفقراء والمساكين: ما تجود به نفسه([3]).

9/ من احتاج إلى الرطب فماذا يصنع؟

يَخْرُص. والخَرْص هو تقدير بظنٍّ.

فهو: أن ينظر الخارص إلى الرطب والعنب، فيُقدر: كم يجيء محصول هذه الشجرة بالكيل بعدما يجف ويصير تمرا أو زبيبا.

والحكمة منه ألَّا يُحرم صاحب الزرع من الانتفاع بالرطب، ولا يحرم الفقير من حقه.

ويُخْرَص التمر والعنب فقط، وهذا مذهب الجمهور؛ لأن:

1/ الحاجة تدعو إلى أكل الرطب قبل أن يكون تمراً، والعنب قبل أن يكون زبيباً.

2/ ولأن غيرهما مستتر في سنبله يصعب خرصه.

ووقت الخرص بدو الصلاح.

ولابد في الخرص من المرور على النخيل كله.

ويكتفى بخارص واحد.

ويشترط أن يكون مسلماً عدلاً عارفاً.

10/ زكاة الزورع في الأرض المستأجرة

الزكاة على المستأجر، وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة.

11/ الأرض التي تستغل بالمساقاة أو المزارعة والأرض التي تكون لعدد من الورثة

في هذه الأراضي يعامل المحصول كله كما لو كان ملكا لشخص واحد، وتحسب الزكاة باعتبار ذلك، فيلزم كل واحد منهما أن يخرج العشر، أو نصف العشر من نصيبه، أو تخرج الزكاة من المحصول جملة واحدة، قبل أن يأخذ كل منهما نصيبه.

12/ لا يشترط مرور حول في زكاة الزورع.

قال الماوَرْدِيُّ: “الزَّرع والثَّمرة، فلا يُعتبر فيه الحولُ إجماعًا” [الحاوي الكبير 3/ 88].

ربِّ صلِّ وسلِّم على نبينا محمد.

 

 

[1] / نبات شوكي، معروف في مصر، زيتي، وقديما كان يستعمل في تلوين الملابس، وبعضهم يستخدم زهرته كمليِّن طبيعي.

[2] / الجُلْبان، من البقوليات معروف في الشام.

[3] / من موقع الإسلام سؤال وجواب.

 

فضل الزكاة وأحكام زكاة المحاصيل

شارك المحتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *