نعمة الأمن
بسم الله الرحمن الرحيم
نعمة الأمن
مهران ماهر عثمان
خطبة بمسجد خالد بن الوليد
12/ 8/ 2005م
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، أما بعد؛
فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين والناس أجمعين أن يذكروا نعمه عليهم، فقال تعالى مخاطباً المؤمنين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ (([1])). وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ (([2])). وإن من أعظم نعم الله التي يجب أن نذكرها ونُذكِّر بها: نعمة الأمن.
ولقد مرَّ بنا بعضُ يوم بهذه البلاد (([3])) عاث الغوغاء من الناس فيه فساداً؛ فقتلوا، وسرقوا، وانتهكوا الأعراض، وحرقوا المتاجر والمساكن… ساعات عاشها الناس بلا أمن كيف كان حالنا فيها؟
فهذا مما يجسِّدُ لنا أهميةَ هذه النعمة العظيمة التي يعقل مكانتها من ابتُلي بفقدها.
وإن مما يدل على ذلك من نصوص الشرع:
1/ أن الخليل عليه السلام بدأ به في دعائه قبل غيره.
قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (([4])).
فبدأ بالأمن قبل الرزق لسببين:
الأول: لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتبَّ ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن.
والثاني: لأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن.
2/ أنَّ الله امتنَّ على عباده بهذه النعمة.
امتن الله بها على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (([5])).
وامتنّ بها على أهل مكة، فقال: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [سورة قريش]، وقال: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لّلنَّاسِ وَأَمْناً﴾ [ البقرة: 125 ]، وقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامِناً﴾ [ العنكبوت: 67 ].
3/ أنَّ الأمن مطلب الناس جميعاً.
فإبراهيم عليه السلام دعا الله أن يحقق هذه النعمة لموطنه.
ويوسف عليه السلام طلب من والديه دخول مصر مخبراً باستتباب الأمن بها: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ﴾(([6])).
ولمَّا خاف موسى أعلمه ربه أنه من الآمنين ليهدأ رَوْعه، وتسكن نفسه: ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ (([7])).
ومن ذلك أنَّه صلى الله عليه وسلم لما رحم أهل مكة يوم فتحها ذكرهم بما ينالون به الأمن؛ مما يدل على أهميته لدى المؤمنين والكافرين، فقال: «من دخَل دارَ أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقَى السّلاحَ فهو آمن، ومن دخل المسجدَ فهو آمن» (([8])).
4/ العبادات لا يتأتى فعلها على أكمل صورها إلا إذا ساد الأمن.
فالصلاة قال الله فيها: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ * فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ (([9]))، وقال: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ (([10])). ﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾ أي: أدوها بكمالها وصفتها التامة.ومن شروط وجوب الحج: الأمن. فإذا وجد الإنسان نفقة الحج ولم يكن الطريق إليه آمناً فلا يجب عليه الحج قولاً واحداً، قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ (([11])). ولما أخبر الله نبيه بأنهم سيدخلون البيت الحرام ويؤدون نسكهم بعدما صدهم المشركون عنه قرن ذلك بالأمن فقال:﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ (([12])).
وإن انتشار الدعوة الإسلامية المباركة يكون في وقت الأمن أكثر من غيره من الأوقات، ألا ترون أنَّ رسولنا صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية ومعه خمسمائة وألف من أصحابه، فلمَّا انعقد الصُّلح وكان من بنوده: وقف الحرب عشر سنوات يأمن فيها الناس دخل كثير منهم في دين الله، فبعد عامين وبضعة أشهر خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة عشرة آلاف من المسلمين.
وقال الله عن موسى عليه السلام: ﴿ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ (([13])). ولكن لما أغرق الله فرعون ودمَّر ما كان يصنعه وقومه دخل كثير من الناس في دين الله، حتى رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه سواداً عظيماً قال صلى الله عليه وسلم – في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب -: «وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ»(([14])).
5/ ولأهمية الأمن أكرم الله به أولياءه في دار كرامته.
لأنه لو فُقد فلن يهنأ أحد بشيء من النعيم، قال رب العالمين: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ﴾(([15]))، وقال: ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ﴾ (([16]))، وقال: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾ (([17])).
ولذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم معرفاً الناس بعظيم مكانة هذه النعمة: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» (([18])).
وسائل حفظ نعمة الأمن
1/ شكر الله عليها وإدامة ذلك.
فالنعم تقر بالشكر وتذهب بالجحود، قال تعالى في ذلك: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾(([19])).
2/ البعد عما يسخط الله.
قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ (([20])).
وقال:﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾(([21])). قال القرطبي رحمه الله:” سماه لباساً ؛ لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس”(([22])).
3/ تحقيق توحيد الله.
فالتوحيد يأتي بالأمن في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (([23])). فلا أمن إلا بإقامة العبادة الخالية من شوائب الشرك ؛ فلا يُدعى غير الله، ولا يُستغاث إلا بالله، ولا تُشيد الأضرحة، ولا يُطاف بها، ولا يُتبرك بترابها.
ويحقق التوحيد الأمن في الآخرة، قال الله تعالى: ﴿الذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ (([24])). مهتدون في الدنيا، آمنون في الآخرة.
4/ تحكيم شرع الله.
فإقامة حد الحرابة والقتل سبب للأمن من إراقة الدماء، وإقامة حد الزِّنا أمنٌ من انتهاك الأعراض، وقطع اليد أمن من انتشار السرقات فيأمن الناس على أموالهم، وحد القذف يمنع من الوقيعة بالباطل في أعراض المسلمين، وحد شرب الخمر أمن من فساد المفسدين… وهكذا. وقد دلت السنة النبوية على ارتباط الأمن بإقامة الحدود وتحكيم أحكام الله في عباد الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» (([25])). فيرتفع الأمن بذلك، وصدق الله: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (([26])).
4/ ومن وسائل حفظه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ (([27])). وسكت عمن سكت ولم ينكر، ولم يخبر بحالهم.
5/ ومنها: الدعاء.
وسبق دعاء إبراهيم عليه السلام.
وكان نبينا صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وترضى. رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ» (([28])).
6/ ومنها: عدم الخروج على الحاكم المسلم.
وهذا مما حذرت منه النصوص كثيراً.
دين الإسلام دين الأمن
ولا يمكن أن يتحقق الأمن للناس إلا إذا دانوا بهذا الدين العظيم، فقد حرم قتل النفس، وسرقة المال وأكله بالباطل، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ». قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَه» (([29]))، ولعن من أشار بالسلاح لأخيه المسلم، وحرم علينا الجنة حتى نؤمن ويحب بعضنا بعضاً وأخبر بأن ذلك يتحقق بإفشاء السلام الذي يأمن الناس معه، وهو من شعائر الإسلام العظيمة، وقال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» (([30])). وقال في حق الكافر المعاهد: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» (([31])). وقال: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (([32])).
الأمن في الآخرة
أعظم أمنٍ يجب علينا أن نسعى في تحقيقه: الأمن من عذاب الله.
قال تعالى: ﴿أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾(([33]))، وإن مما يحقق لنا ذلك الاستقامة على دين الله، قال الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (([34])).
رب صل وسلم على نبينا محمد.
[1] / المائدة : 11 .
[2] / فاطر : 3.
[3] / يوم هلاك جون قرنق، الاثنين : 26 جمادى الآخرة 1426هـ .
[4] / البقرة : 126.
[5] / الأنفال : 26 .
[6] / يوسف : 99 .
[7] / القصص : 31 .
[8] / مسلم .
[9] / البقرة : 238-239 .
[10] / النساء : 102-103 .
[11] / البقرة : 196 .
[12] / الفتح : 27 .
[13] / يونس : 83 .
[14] / أخرجاه في الصحيحين .
[15] / الحجر : 46 .
[16] / الدخان : 55 .
[17] / سبأ : 37 .
[18] / الترمذي .
[19] / إبراهيم : 7 .
[20] / سبأ : 15-19 .
[21] / النحل : 112 .
[22] / الجامع : 10/194 .
[23] / النور : 55 .
[24] / الأنعام : 82 .
[25] / ابن ماجه .
[26] / الملك : 14 .
[27] / الأعراف : 165 .
[28] / الترمذي والدارمي.
[29] / البخاري ومسلم .
[30] / البخاري ومسلم .
[31] / صحيح البخاري .
[32] / سنن أبي داود .
[33] / فصلت : 40 .
[34] / الأحقاف : 13 .

