
فضائل الأقصى ووسائل نصرته
بسم الله الرحمن الرحيم
فضائل الأقصى ووسائل نصرته
جمعة 27 شوال 1438هـ| 21 يوليو 2017م
الحمد لله رب العالمين، وأصلِّي وأسلِّم على المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد؛
المقدمة
في الجمعة الماضية: 14/7/2017م، أغلق اليهود المسجد الأقصى ولم تُقَمْ فيه صلاةُ الجمعة، وهذا لم يقع منذ العام 1967م، واستمر مغلقاً إلى يوم الأحد، بعد تركيب البوابات الإلكترونية، ويرفض المقدسيون الدخول إلى المسجد من خلالها؛ لأن القبول با قبول بسيطرة العدو الصهويني على المسجد المبارك.
فكان من المناسب أن يكون الحديث في جمعتنا هذه عن هذا المسجد المبارك.
التعريف بالمسجد الأقصى
المسجد الأقصى كان يطلق على الساحة كلها قديما، ومساحته بساحته 144000 متر مربع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فالمسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام، وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب في مقدمته. والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة في سائر المسجد ، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وكان على الصخرة زبالة عظيمة لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها مقابلة لليهود الذين يصلون إليها، فأمر عمر بإزالة النجاسة عنها، وقال لكعب: أين ترى أن نبني مصلى للمسلمين؟ فقال: خلف الصخرة، فقا: يا ابن اليهودية! خالطتك اليهودية، بل أبنيه أمامها؛ فإنّ لنا صدور المساجد. ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذي بناه عمر، وأما الصخرة فلم يصل عندها عمر ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان … وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة فإنها قبلة منسوخة … وإنما يعظمها اليهود وبعض النصارى” [مجموعة الرسائل الكبرى: (2/61)].
فالمسجد الأقصى اسم لجميع المسجد، وهو كل ما هو داخل سور المسجد ويشمل الساحات الواسعة، والجامع القِبلي، وقبة الصخرة، والمصلى المرواني، والأروقة، والقباب، والمصاطب، وأسبلة الماء، والحدائق، وتحت أرض المسجد وفوقه وغيرها من المعالم، وعلى أسواره المآذن، والمسجد كله غير مسقّف سوى بناء قبة الصخرة والمصلى القبلي الجامع.
وجاء في الموسوعة الفلسطينية: “كان اسم المسجد الأقصى يطلق قديما على الحرم القدسي الشريف كله وما فيه من منشآت أهمها قبة الصخرة المشرفة التي بناها عبد الملك بن مروان سنة: 72هـ/ 691م، وتعد من أعظم الآثار الإسلامية. وأما اليوم فيطلق الاسم على المسجد الكبير الكائن جنوبي ساحة الحرم” [(4/203)].
فالمسجد الأقصى ليس هو قبة الصخرة، والقبة جزء منه، وتسليط الضوء على القبة وتصويرها للناس على أنها المسجد الأقصى من مكر اليهود، حتى إذا ألحقوا به سوءً لإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه –نسأل الله ألا يكون شيء من ذلك- رأى المسلمون القبة قائمة فلم يحركوا ساكناً.
لماذا سمي بالمسجد الأقصى؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وسمِّي الأقصى؛ لبُعدِه عن المسجد الحرام في المسافة، وقيل في الزمان وفيه نظر؛ لأنَّه ثبت في الصحيح أنَّ بينهما أربعين سنة … وقال الزمخشري: سمِّي الأقصى لأنَّه لم يكن حينئذٍ وراءه مسجد. وقيل : لِبُعدِه عن الأقذار والخبث. وقيل: هو أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة؛ لأنَّه بعيد من مكَّة, وبيت المقدس أبعد منه”ـ [فتح الباري: (3/64)].
هل هناك فرق بين المسجد الأقصى وبيت المقدس ومسجد إيلياء؟
لا فرق، والدليل: قول ربنا: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ، جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ -يَعْنِي نَفْسَهُ- فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ».
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “ومسجد الأقصى أي: بيت المقدس” [فتح الباري: (3/ 64)].
وأما إيلياء –ويقال: إلياء، وإيليا، وإيليّا بالقصر والتشديد- فهو من أسماء المسجد الأقصى، أطلق عليه ذلك الرومان سنة 135م. ومعنى الكلمة كما في معجم البلدان “بيت الله”.
ومن أسمائه: والقدْس، وسِلَم، وأُوْرِي سِلَم. انظر: [فتح الباري (3/ 65)].
فضائل المسجد الأقصى وما جاء فيه:
1/ مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ربنا: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].
2/ وصف المسجد الأقصى وما حوله بالبركة في كثير من آي القرآن الكريم.
قال ربنا: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: 1].
وقال ربنا: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 81].
وقال: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 71].
وقال: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ [الأعراف: 137].
وقال موسى عليه السلام: ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: 21]. والمقدسمة المطهرة المباركة.
وقال: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ [سبأ: 18].
ومن معاني هذه البركة:
- أنها أرض الثمار والزروع، والخصب الدائم. كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾ [المؤمنون: 50]. أي: ببيت المقدس، والربوة المكان المرتفع، ذات قرار: مهيأة للاستقرار فيها. ومعين: ماء جارٍ.
- جعله الله منزلا للأنبياء.
- ومهبطا للملائكة.
- ومنزلا لعيسى عليه السلام آخر الزمان.
- ومسرى لنبينا صلى الله عليه وسلم.
- ويضاعف أجر الصلاة فيه.
- أنه أرض المحشر والمنشر. فعن أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيت المقدس: «نعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر» رواه البيهقي، وهو في صحيح الترغيب والترهيب (1179). قال المناوي رحمه الله: “أي البقعة التي يجمع الناس فيها إلى الحساب وينشرون من قبورهم ثم يساقون إليها وخصت بذلك لأنها الأرض التي قال الله فيها: ﴿باركنا فيها للعالمين﴾، وأكثر الأنبياء بعثوا منها فانتشرت في العالمين شرائعهم، فناسب كونها أرض المحشر والمنشر” [فيض القدير (4/ 171)].
3/ القبلة الأولى
قال ربنا: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: 143].
4/ مكان النفخ في الصور
قال تعالى: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ [ق: 41، 42].
قال كعب رضي الله عنه: “صخرة بيت المقدس” [تفسير الطبري (22/ 382)].
5/ المسجد الأقصى تشد الرحال إليه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى» رواه البخاري ومسلم.
فما هو المراد بهذا الحديث؟
قال ابن حجر رحمه الله وهو يعدد الأقوال في المسألة: “وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ حُكْمُ الْمَسَاجِدِ فَقَطْ، وَأَنَّهُ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا قَصْدُ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ صَاحِبٍ أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ نُزْهَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ وَذُكِرَتْ عِنْدَهُ الصَّلَاةُ فِي الطُّورِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَشُدَّ رِحَالَهُ إِلَى مَسْجِدٍ تُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي وَشَهْرٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ” [“فتح الباري لابن حجر (3/ 65)].
6/ المسجد الأقصى هو ثاني مسجد بني في الأرض:
فقد سأل أبو ذر رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام». قال: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى». قال: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة» رواه البخاري ومسلم.
وفي قرآننا: ﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين﴾ [آل عمران:96].
قال شيخ الإسلام: “فالمسجد الأقصى كان في عهد إبراهيم عليه السلام, لكن سليمان عليه السلام بناه بناءً عظيمًا, فكل من المساجد الثلاث بناه نبي كريم ليصلي فيه هو والناس” [الفتاوى (ج27/ص351)].
7/ الصلاة فيه من مكفرات الذنوب كلها
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ، إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ» رواه ابن ماجه.
ولأجل هذا الحديث كان ابن عمر رضي الله عنهما يأتي من الحجاز, فيدخل فيصلي فيه, ثم يخرج ولا يشرب فيه ماء مبالغةً منه لتمحيص نية الصلاة دون غيرها, لتصيبه دعوة سليمان عليه السلام .
8/ مضاعفة أجر الصلاة فيه
فعن أبي ذر رضي الله عنه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في بيت المقدس أفضل، أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «صلاة في مسجدي هذا، أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو، أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط الرجل حيث يرى منه بيت المقدس؛ خير له (أو أحب إليه) من الدنيا جميعا» رواه البيهقي، وهو في صحيح الترغيب والترهيب (1179).
9/ أهل المسجد الأقصى منصورون
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: «بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ» رواه أحمد.
كيف ننصر المسجد الأقصى؟([1])
- الجهاد السبيل الأوحد لعز الأمة، وهذا ما لا سبيل إليه اليوم، لكن الواجب تحديث النفس به، والصدق في ذلك.
- تضمين المناهج التعليمية في كل بلداننا قضية الأقصى بصورتها المطلوبة.
- دعم الجهاد ضد العدو الصهيوني (ولا أقول: المقاومة)، بكلّ ما يحتاجه من أنواع الدعم المادي والمعنوي.
- دعم المرابطين بالمسجد الأقصى ولو بالكلمة الطيبة التي تشحذ عزائمهم.
- محاربة كلِّ أشكال الولاء والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، وفضح من يلبس على الناس ويدعو إليه من علماء السلطان ومناديل الحكام.
- تحريك القضية حقوقياً في جميع أنحاء العالم، لأن الفطر قد جُبلَت على بُغض وإنكار الظلم والعمل على دفعه، ولا يخلو العالم من نفوس مُنصفة وإن اختلفت معنا في الدين.
- الرجوع إلى الله، جاء عن عمر بن الخطاب أنه خطب في القدس، فكان مما قال: “يا أهل الإسلام! إن الله تعالى قد صدقكم الوعد، وأورثكم البلاد، ومكَّن لكم في الأرض، فلا يكوننَّ جزاؤه منكم إلا الشكر، وإياكم والعمل بالمعاصي؛ فإن العمل بالمعاصي كُفر النعم، وقلَّما كفر قوم بما أنعم الله عليهم ثم لم يفزعوا إلى التوبة إلا سُلِبُوا عزَّهُم، وسُلِّط عليهم عدوهم”.
- تعريف الناس بفضل الجهاد في سبيل الله.
- تحقيق جميع أشكال المقاطعة مع العدو الصهيوني (والصهيونية حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر ودعت اليهود للعودة إلى أرض الآباء والأجداد)
- مقاطعة العدو مقاطعةً اقتصادية وثقافية ونحو ذلك، كما فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع كفار قريش في فترة من الفترات لإضعاف شوكتها.
- إحياء روح التفاؤل والأمل في الأمة وترسيخ اليقين بأن العاقبة للمتقين.
- إبقاء القضية دائمًا حاضرة وساخنة في نوادينا ومحافلنا واجتماعاتنا ولقاءاتنا.
- الدعاء الدعاء! ولا أقول ما يقوله عنه بعض الناس” سلاح الضعفاء، بل سلاح المؤمنين جميعا من الضعفاء والأقوياء، وهل يكون شيء إلا بأمر الله؟!!
- المشاركة في كل الفعاليات حول القضية حسب الاستطاعة، فهي سبيل لبراءة الذمة وإعانة في حمل همها، وإعلان عن الإيمان بضرورة نصرتها.
- استخدام الإعلام لصف الأمة كلها نحو فلسطين بكل وسيلة، وجعل القضية مدخلاً لوحدة الأمة، فإن الأزمات توحّد الشعوب.
- عدم المبالغة في تضخيم قوة العدو؛ حتى لا نساهم في الحرب النفسية ضد المسلمين، فها هم ثُلّة من الفلسطينيين المحاصَرين قذف الله بهم الرعب في قلوب اليهود، حتى رأيناهم يبنون الجدار العازل، ويعدّون القبة الحديدية، ويحفرون الملاجئ، فكيف لو أُتيح دعم المرابطين هناك بما يحتاجونه من المؤن والسلاح!
- استخدام وسال الإعلام للضغط على صانعي القرار (وهذا ما لا سبيل إليه اليوم).
- إِطْلَاع الناس على فضائع الصهيونية وعدوانها وجرائمها وفجورها، فهذه طريقة القرآن في فضح قَتلةِ الأنبياء ومُحرّفي الرسالات السماوية، وناقضي العهود، وأَكَلةِ السُّحت وأعداء البشرية.
- تصحيح المصطلحات التي تُتداول حول القضية، فليست “دولة إسرائيل”، بل “الاحتلال الصهيوني”، وليست “المستوطنات” بل “المغتصبات”…
- إزالة كل شبهة حول القضية، فالمعتدون ليس لهم حق في مقدساتنا، وليست لهم شرعية دينية في السيطرة عليها. ولو كان لهم حق تاريخي في فلسطين فلماذا لا يطالبون بحقهم التاريخي في مصر التي سكنوها قبل فلسطين من زمن يوسف عليه السلام.
ولو قالوا: سكنها الخليل عليه السلام الذي جاء إسحاق ويعقوب من نسله، فالجواب: والكنعانيون كانوا بها قبل الخليل عليه السلام، ولو ثبتت الحقوق بهذا لكانوا أحق بمكة التي بنى فيها الخليل عليه السلام بيت الله. ثم أليس إسماعيل من نسل الخليل عليه السلام وابنه!! ومن كان من نسل الأنبياء وخالف دينهم فليس منهم ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود: 46].
فأولى الناس بإبراهيم من سار على دينه ﴿ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 68].
فهل ظل اليهود على عهد الله ودين خليل الله تعالى؟ الذين قتلوا الأنبياء، سبوا الله وأنبياءه حرفوا دينهم واشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا، وهم الذين قالوا: “عزير بن الله”، وهم الذين قالوا: “قالوا نحن أبناء الله”، وهم الذين قالوا: “يد الله مغلولة”، فهل يمكن القول بأن هؤلاء كانوا على عهد الله؟! إن الله تعالى يقول: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة/124] فهؤلاء بظلمهم ليس لهم عهد الله في امتلاك هذه الأرض وغيرها.
قال ربنا: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء/105].
رب صل وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.
[1] / مستفادة من ورقة “واجب الأمة نحو الأقصى” د. قاسم بن علي العصيمي.
