
مقاصد القرآن عند ابن القيم رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
مقاصد القرآن عند ابن القيم رحمه الله
24 ربيع الآخر 1444 الموافق: 18 نوفمبر 2022
مهران ماهر عثمان- مسجد السلام بالطائف مربع (22)
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، أما بعد؛
فإن القرآن الكريم إنما أنزله الله تعالى ليخرج عباده به من الظلمات إلى النور.
قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: 174].
قال الشوكاني رحمه الله: “﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً﴾، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَسَمَّاهُ نُورًا: لِأَنَّهُ يُهْتَدَى بِهِ مِنْ ظُلْمَةِ الضَّلَالِ” [فتح القدير 1/ 625].
ولذا كان من الأهمية القصوى أن يتعرَّف المخاطَبُ بهذا الكتاب على مقاصده العامة، فهذا مما يعين على الانتفاع به.
وحديثنا اليوم عن مقاصد القرآن الستة التي نصَّ عليها الإمام ابن القيم رحمه الله.
وقبل سرد حديثه لابد من معرفة معنى مقاصد القرآن.
معنى مقاصد القرآن
هذا مصطلح من مصطلحات علوم القرآن.
ومعناه: الغايات التي نزل القرآن لأجل تحقيقها.
فيعرف المسلم ما هو المقصد والغرض الذي من أجله أُنزل؟ وماذا يريد الله من عباده؟
مقاصد القرآن الستة عند الإمام ابن القيم رحمه الله
قال ابن القيم رحمه الله: “بِالْجُمْلَةِ تُعَرِّفُهُ (أي: آيات القرآن تعرّف العبد) الرَّبَّ الْمَدْعُو إِلَيْهِ، وَطَرِيقَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَمَا لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ.
وَتُعَرِّفُهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ ثَلَاثَةً أُخْرَى: مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَالطَّرِيقَ الْمُوصِلَةَ إِلَيْهِ، وَمَا لِلْمُسْتَجِيبِ لِدَعْوَتِهِ مِنَ الْإِهَانَةِ وَالْعَذَابِ بَعْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ.
فَهَذِهِ سِتَّةُ أُمُورٍ ضَرُورِيٌّ لِلْعَبْدِ مَعْرِفَتُهَا، وَمُشَاهَدَتُهَا وَمُطَالَعَتُهَا، فَتُشْهِدُهُ الْآخِرَةَ حَتَّى كَأَنَّهُ فِيهَا، وَتَغَيِّبُهُ عَنِ الدُّنْيَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا، وَتُمَيِّزُ لَهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فِي كُلِّ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعَالَمُ. فَتُرِيهِ الْحَقَّ حَقًّا، وَالْبَاطِلَ بَاطِلًا، وَتُعْطِيهِ فُرْقَانًا وَنُورًا يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، وَتُعْطِيهِ قُوَّةً فِي قَلْبِهِ، وَحَيَاةً، وَسَعَةً وَانْشِرَاحًا وَبَهْجَةً وَسُرُورًا، فَيَصِيرُ فِي شَأْنٍ وَالنَّاسُ فِي شَأْنٍ آخَرَ”([1]).
المقصد الأول: التعريف بالرب المدعوِّ إليه
يعرفنا ربنا بنفسه في كتابه.
كثير من آيات القرآن الكريم تُختتم باسمين من أسماء الله تعالى.
هذه الأسماء التي ورد فيها هذا الحديث المتفق على صحته من طريق أبي هريرة رضي الله عنه: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ».
قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر: 22 – 24].
وقال: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا في كتاب مبين﴾ [الأنعام: 59].
يعرِّفنا القرآن بنعم ربنا علينا.
﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ آية تكررت في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرةً.
ومعناها كما قال ابن كثير رحمه الله: “النِّعَمُ ظَاهِرَةٌ عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ مَغْمُورُونَ بِهَا، لَا تَسْتَطِيعُونَ إِنْكَارَهَا وَلَا جُحُودَهَا”([2]).
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا، فَقَالَ: «لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الجِنِّ لَيْلَةَ الجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ ﴿فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، قَالُوا: لاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الحَمْدُ» رواه الترمذي، وهو في السلسلة الصحيحة([3]).
يعرفنا القرآن بحق الله علينا.
﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].
ويعرفنا بأركان الإيمان به.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 136].
وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49].
المقصد الثاني: يعرفنا بطريق الوصول إليه
فامتلأ القرآن الكريم ببيان العبادات التي أمر الله بها، وبما يتعلق بمعاملاتنا من أحكام، وبالأخلاق الكريمة.
فالصلاة والزكاة أكثر الله تعالى من ذكرهما، وذكر في كتابه الحج والعمرة وغيرهما من العبادات.
وذكر أحكام المعاملات المالية وقضايا الأسرة وأنواع العقود التي تبرم بين المسلمين.
وفيه ذكرٌ للأخلاق الكريمة التي توصِّل إلى الله تعالى.
قال تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقال: ﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ﴾ [الشعراء: 181]، وقال: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 34]، وقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: 153]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 254]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]، ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: 1 – 9].
المقصد الثالث: ما للمستجيب لله من الكرامة إذا قدم عليه
قال تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: 46 – 61].
والعينان سوى الأنهار الأربعة التي ذكرها الله في سورة الرحمن كما نص عليه بعض المفسرين([4])، قال ربنا: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [محمد: 15].
المقصد الرابع: التعريف بعدو الله وعدونا
قال ربنا: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [فاطر: 6].
وأعلمنا ربنا بما عزم الشيطان عليه لمـَّا أخرجه من الجنة، ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 16، 17].
ونهانا ربنا عن اتباع خطواته في أربعة مواضعَ من القرآن الكريم، وقد قال بعض المفسرين في تفسيرها: “المحقَّرات من الذنوب”([5])، فيأمر بالصغائر ليذهب بالعبد الذي يصر على اتباع خطواته إلى الكبائر.
وبيَّن لنا خذلانه لأوليائه في الآخرة.
﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إبراهيم: 22].
المقصد الخامس: التعريف بالطريق الموصلة إلى الشيطان.
فنُهينا عن الشرك بالله، ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 116].
ونهينا عن الكبائر والجرائر التي تجرجر العبد إلى قعر جهنم، وعن كل خلق سيء.
فنهينا عن الربا والزنا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وغير ذلك من الخلال والأعمال التي توجب سخط الله تعالى.
المقصد السادس: التعريف بما أعده الله من العذاب والإهانة لمن اتبع سبيل الشيطان.
قال ربنا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب: 64 – 68].
وقال: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة: 1 – 9].
ما معنى ﴿تطلع على الأفئدة﴾؟ يخلُص حرها إلى القلوب فيعلوها ويغشاها، فلا يُحرَقُ بها الجلد دون غيره، بل تخلص هذه النار إلى داخل جسد الكافر عياذا بالله.
ختاماً:
لقد أنزل الله كتابه ليدبَّر آياتِه المؤمنون، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]، فعلينا إذا قرأنا كتاب ربنا أن نستحضر هذه المقاصد التي ذكرها علماؤنا تحقيقاً للتدبر الذي أمر الله تعالى به.
رب صل وسلم على نبينا محمد.
[1] / مدارج السالكين (1/ 450).
[2] / تفسير القرآن العظيم تحقيق سامي سلامة (7/ 491).
[3] / برقم (2150).
[4] / من المعاصرين: العلامة ابن عثيمين رحمه الله.
[5] / فتح البيان في مقاصد القرآن (1/ 335).
